للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يُوجِبُ الْفَضْلَ وَهَذَا لَا يَجْرِي عَلَى قِيَاسِ الْأَصَابِعِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ فِي كُلِّ سِنٍّ بِخَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ؛ لِأَنَّ الْأَسْنَانَ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ فَيَزِيدُ الْوَاجِبُ فِي جُمْلَتِهَا عَلَى قَدْرِ الدِّيَةِ.

وَلَوْ ضَرَبَ رَجُلًا ضَرْبَةً فَأَلْقَى أَسْنَانَهُ كُلَّهَا فَعَلَيْهِ دِيَةٌ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ جُمْلَةَ الْأَسْنَانِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ سِنًّا، عِشْرُونَ ضِرْسًا وَأَرْبَعَةُ أَنْيَابٍ، وَأَرْبَعُ ثَنَايَا وَأَرْبَعُ ضَوَاحِكَ فِي كُلِّ سِنٍّ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ فَيَكُونُ جُمْلَتُهَا سِتَّةَ عَشْرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَهِيَ دِيَةٌ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ دِيَةٍ تُؤَدَّى هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، فِي السَّنَةِ الْأُولَى ثُلُثَا الدِّيَةِ ثُلُثٌ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ، وَهِيَ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَثُلُثٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ الدِّيَةِ وَهِيَ سِتَّةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ الثُّلُثُ مِنْ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ وَالْبَاقِي مِنْ ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ الدِّيَةِ، وَفِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَهُوَ مَا بَقِيَ مِنْ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الدِّيَةَ الْكَامِلَةَ تُؤَدَّى فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثُهَا وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الدِّيَةِ، وَهِيَ سِتَّةُ آلَافِ دِرْهَمٍ تُؤَدَّى فِي سَنَتَيْنِ مِنْ السِّنِينَ الثَّلَاثِ، وَهَذَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ قَدْرُ الْمُؤَدَّى مِنْ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ وَالنَّاقِصَةِ فِي السَّنَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، وَقَدْرُ الْمُؤَدَّى مِنْ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ مَا وَصَفْنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَوْ ضَرَبَ أَسْنَانَ رَجُلٍ وَتَحَرَّكَتْ يُنْتَظَرُ بِهَا حَوْلًا لِمَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ «يُسْتَأْنَى بِالْجِرَاحِ حَتَّى تَبْرَأَ» وَالتَّقْدِيرُ بِالسَّنَةِ لِأَنَّهَا مُدَّةٌ يَظْهَرُ فِيهَا حَقِيقَةُ حَالِهَا مِنْ السُّقُوطِ وَالتَّغَيُّرِ وَالثُّبُوتِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَضْرُوبُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا، كَذَا رُوِيَ فِي الْمُجَرَّدِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُؤَجَّلُ سَنَةً سَوَاءٌ كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُنْتَظَرُ فِي الصَّغِيرِ وَلَا يُنْتَظَرُ فِي الرَّجُلِ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُنْتَظَرُ إذَا تَحَرَّكَتْ وَإِذَا سَقَطَتْ لَا يُنْتَظَرُ.

وَجْهُ قَوْلِهِ أَنَّ السِّنَّ إذَا تَحَرَّكَتْ قَدْ تَثْبُتُ وَقَدْ تَسْقُطُ فَأَمَّا إذَا سَقَطَتْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَثْبُتُ.

وَجْهُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الصَّغِيرِ، وَالْكَبِيرِ أَنَّ سِنَّ الصَّغِيرِ يَثْبُتُ ظَاهِرًا وَغَالِبًا، وَسِنُّ الْكَبِيرِ لَا تَثْبُتُ ظَاهِرًا.

وَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ احْتِمَالَ النَّبَاتِ ثَابِتٌ فَيَجِبُ التَّوَقُّفُ فِيهِ فَإِنْ اشْتَدَّتْ وَلَمْ تَسْقُطْ فَلَا شَيْءَ فِيهَا.

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَإِنْ تَغَيَّرَتْ فَإِنْ كَانَ التَّغَيُّرُ إلَى السَّوَادِ أَوْ إلَى الْحُمْرَةِ أَوْ إلَى الْخُضْرَةِ فَفِيهَا الْأَرْشُ تَامًّا لِأَنَّهُ ذَهَبَتْ مَنْفَعَتُهَا، وَذَهَابُ مَنْفَعَةِ الْعُضْوِ بِمَنْزِلَةِ ذَهَابِ الْعُضْوِ، وَإِنْ كَانَ التَّغَيُّرُ إلَى الصُّفْرَةِ فَفِيهَا حُكُومَةُ الْعَدْلِ.

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إنْ كَانَ حُرًّا فَلَا شَيْءَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا فَفِيهِ الْحُكُومَةُ.

وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ لَا تَكَادُ تَصِحُّ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ أَوْلَى بِإِيجَابِ الْأَرْشِ مِنْ الْعَبْدِ.

وَقَالَ زُفَرُ فِي الصُّفْرَةِ الْأَرْشُ تَامًّا كَمَا فِي السَّوَادِ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ يُفَوِّتُ الْجَمَالَ.

(وَلَنَا) أَنَّ الصُّفْرَةَ لَا تُوجِبُ فَوَاتَ الْمَنْفَعَةِ، وَإِنَّمَا تُوجِبُ نُقْصَانَهَا فَتُوجِبُ حُكُومَةَ الْعَدْلِ.

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إنْ كَثُرَتْ الصُّفْرَةُ حَتَّى تَكُونَ عَيْبًا كَعَيْبِ الْحُمْرَةِ وَالْخُضْرَةِ فَفِيهَا عَقْلُهَا تَامًّا، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا.

وَإِنْ سَقَطَتْ فَإِنْ نَبَتَ مَكَانَهَا أُخْرَى يُنْظَرُ إنْ نَبَتَتْ صَحِيحَةً فَلَا شَيْءَ فِيهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ عَلَيْهِ الْأَرْشُ كَامِلًا، كَذَا ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي شَرْحِهِ مُخْتَصَرَ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِيهَا حُكُومَةَ الْعَدْلِ.

وَجْهُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ فَوَّتَ السِّنَّ، وَالنَّابِتُ لَا يَكُونُ عِوَضًا عَنْ الْفَائِتِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْعِوَضَ مِنْ اللَّهِ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ الضَّمَانُ الْوَاجِبُ كَمَنْ أَتْلَفَ مَالَ إنْسَانٍ ثُمَّ إنَّ اللَّهَ رَزَقَ الْمُتْلَفَ عَلَيْهِ مِثْلَ الْمُتْلَفِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ السِّنَّ يُسْتَأْنَى بِهَا فَلَوْلَا أَنَّ الْحُكْمَ يَخْتَلِفُ بِالنَّبَاتِ لَمْ يَكُنْ لِلِاسْتِينَاءِ فِيهِ مَعْنًى لِأَنَّهُ لَمَّا نَبَتَتْ فَقَدْ عَادَتْ الْمَنْفَعَةُ وَالْجَمَالُ، وَقَامَتْ الثَّانِيَةُ مَقَام الْأُولَى كَأَنَّ الْأُولَى قَائِمَةٌ كَسِنِّ الصَّبِيِّ هَذَا إذَا نَبَتَتْ بِنَفْسِهَا فَأَمَّا إذَا رَدَّهَا صَاحِبُهَا إلَى مَكَانِهَا فَاشْتَدَّتْ وَنَبَتَ عَلَيْهَا اللَّحْمُ فَعَلَى الْقَالِعِ الْأَرْشُ بِكَمَالِهِ؛ لِأَنَّ الْمُعَادَةَ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا لِانْقِطَاعِ الْعُرُوقِ بَلْ يَبْطُلُ بِأَدْنَى شَيْءٍ فَكَانَتْ إعَادَتُهَا وَالْعَدَمُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلِهَذَا جَعَلَهَا مُحَمَّدٌ فِي حُكْمِ الْمَيْتَةِ حَتَّى قَالَ إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ مَعَهَا، وَأَبُو يُوسُفَ فَرَّقَ بَيْنَ سِنِّ نَفْسِهِ وَسِنِّ غَيْرِهِ فَأَجَازَ الصَّلَاةَ فِي سِنِّ نَفْسِهِ دُونَ سِنِّ غَيْرِهِ، وَعَلَى هَذَا إذَا قَطَعَ أُذُنَهُ فَخَاطَهَا فَالْتَحَمَتْ إنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْأَرْشُ لِأَنَّهَا لَا تَعُودُ إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فَلَا يَعُودُ الْجَمَالُ هَذَا إذَا نَبَتَتْ مَكَانَهَا أُخْرَى صَحِيحَةً فَأَمَّا إذَا نَبَتَتْ مُعْوَجَّةً فَفِيهَا حُكُومَةُ الْعَدْلِ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ نَبَتَتْ مُتَغَيِّرَةً بِأَنْ نَبَتَتْ سَوْدَاءَ أَوْ حَمْرَاءَ أَوْ خَضْرَاءَ أَوْ صَفْرَاءَ فَحُكْمُهَا حُكْمُ مَا لَوْ كَانَتْ قَائِمَةً فَتَغَيَّرَتْ بِالضَّرْبَةِ لِأَنَّ النَّابِتَ قَامَ مَقَامَ

<<  <  ج: ص:  >  >>