لَوْ لَمْ يَسْبِقْهُ الْحَدَثُ لَسَجَدَ هَذِهِ السَّجْدَةَ كَذَا الثَّانِي، فَلَوْ أَنَّهُ سَهَا عَنْ هَذِهِ السَّجْدَةِ وَصَلَّى الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ، فَلَمَّا سَجَدَ سَجْدَةً سَبَقَهُ الْحَدَثُ فَقَدَّمَ رَجُلًا جَاءَ سَاعَتَئِذٍ، وَتَقَدَّمَ هَذَا الثَّالِثُ يَنْبَغِي لِهَذَا الْإِمَامِ الثَّالِثِ أَنْ يَسْجُدَ السَّجْدَتَيْنِ أَوَّلًا لِأَنَّ هَذَا الثَّالِثَ قَائِمٌ مَقَامَ الْأَوَّلِ وَالْأَوَّلُ كَانَ يَأْتِي بِالْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ فَكَذَا هَذَا، وَإِذَا سَجَدَ الثَّالِثُ السَّجْدَةَ الْأُولَى وَكَانَ جَاءَ الْإِمَامُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فَإِنَّ الْأَوَّلَ يُتَابِعُهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُقْتَدِيًا بِهِ وَانْتَهَتْ صَلَاتُهُ إلَى هَذِهِ السَّجْدَةِ فَيَأْتِي بِهَا وَكَذَا الْقَوْمُ يُتَابِعُونَهُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ صَلَّوْا تِلْكَ الرَّكْعَةَ أَيْضًا وَإِنَّمَا بَقِيَ عَلَيْهِمْ مِنْهَا تِلْكَ السَّجْدَةُ.
وَأَمَّا الْإِمَامُ الثَّانِي فَلَا يُتَابِعُهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَذُكِرَ فِي نَوَادِرِ الصَّلَاةِ لِأَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّهُ يُتَابِعُهُ فِيهَا، وَوَجْهُهُ أَنَّ الثَّالِثَ قَائِمٌ مَقَامَ الْأَوَّلِ وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ يَأْتِي بِهَذِهِ السَّجْدَةِ كَانَ يُتَابِعُهُ الثَّانِي بِأَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي السَّجْدَةِ وَإِنْ كَانَتْ السَّجْدَةُ غَيْرَ مَحْسُوبَةٍ مِنْ صَلَاتِهِ بَلْ يَتْبَعُهُ الْإِمَامُ فَكَذَا إذَا سَجَدَهَا الْإِمَامُ الثَّالِثُ وَيَأْتِي بِهَا الثَّانِي بِطَرِيقِ الْمُتَابَعَةِ.
وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ السَّجْدَةَ الْأُولَى غَيْرُ مَحْسُوبَةٍ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ الثَّالِثِ فَلَا يَجِبُ عَلَى الثَّانِي مُتَابَعَتُهُ فِيهَا بَلْ هِيَ فِي حَقِّهِ بِمَنْزِلَةِ سَجْدَةٍ زَائِدَةٍ، وَالْإِمَامُ إذَا كَانَ يَأْتِي بِسَجْدَةٍ زَائِدَةٍ لَا يُتَابِعُهُ الْمُقْتَدِي فِيهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ الْأَوَّلَ فِي السَّجْدَةِ حَيْثُ يُتَابِعُهُ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا مَحْسُوبَةٌ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ مُتَابَعَتُهُ.
وَأَمَّا فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فَلَا يُتَابِعُهُ الْإِمَامُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ مُدْرِكٌ يَأْتِي بِالْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ إلَّا إذَا كَانَ صَلَّى الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ وَسَجَدَ سَجْدَةً وَانْتَهَى إلَى هَذِهِ وَتَابَعَهُ الْإِمَامُ الثَّانِي فِيهَا لِأَنَّهُ مُدْرِكٌ هَذِهِ الرَّكْعَةَ وَانْتَهَتْ هِيَ إلَى هَذِهِ السَّجْدَةِ فَيُتَابِعُهُ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَحْسُوبَةً لِلْإِمَامِ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّهَا مَحْسُوبَةٌ لِلْإِمَامِ الثَّانِي، وَكَذَا الْقَوْمُ يُتَابِعُونَهُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ صَلَّوْا هَذِهِ الرَّكْعَةَ أَيْضًا وَانْتَهَتْ إلَى هَذِهِ السَّجْدَةِ، ثُمَّ إذَا سَجَدَ الْإِمَامُ الثَّالِثُ السَّجْدَتَيْنِ وَقَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ يُقَدِّمُ مُدْرِكًا لِيُسَلِّمَ بِهِمْ لِعَجْزِهِ عَنْ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، وَيَسْجُدُ الْإِمَامُ الرَّابِعُ لِلسَّهْوِ لِيَجْبُرَ بِهَا النَّقْصَ الْمُتَمَكِّنَ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ بِتَأْخِيرِ السَّجْدَةِ الْأُولَى عَنْ مَحَلِّهَا الْأَصْلِيِّ وَيَسْجُدُونَ مَعَهُ ثُمَّ يَقُومُ الثَّالِثُ فَيَقْضِي رَكْعَتَيْنِ بِقِرَاءَةٍ ثُمَّ يَقُومُ الثَّانِي فَيَقْضِي الرَّكْعَةَ الَّتِي سُبِقَ بِهَا بِقِرَاءَةٍ وَيُتِمُّ الْمُقِيمُونَ صَلَاتَهُمْ.
وَأَمَّا إذَا كَانُوا كُلُّهُمْ مُدْرِكِينَ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَإِنَّ الْإِمَامَ الْأَوَّلَ يُتَابِعُ الْإِمَامَ الثَّالِثَ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ انْتَهَتْ إلَى هَذِهِ السَّجْدَةِ فَيُتَابِعُهُ فِيهَا لَا مَحَالَةَ، فَكَذَا الْإِمَامُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى وَهَذِهِ السَّجْدَةُ مِنْهَا وَقَدْ فَاتَتْهُ فَقُلْنَا بِأَنَّهُ يَأْتِي بِهَا.
وَأَمَّا فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فَلَا يُتَابِعُهُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ مُدْرِكٌ فَيَقْضِي الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ وَهُوَ مَا أَتَى بِهَذِهِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا أَوَّلًا ثُمَّ يَأْتِي بِهَذِهِ السَّجْدَةِ فِي آخِرِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ إذَا انْتَهَى إلَيْهَا وَيُتَابِعُهُ الْإِمَامُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ انْتَهَتْ إلَى هَذِهِ السَّجْدَةِ فَإِنَّهُ صَلَّى الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ وَتَرَكَ هَذِهِ السَّجْدَةَ فَيَأْتِي بِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
هَذَا إذَا كَانَ الْإِمَامُ مُسَافِرًا فَأَمَّا إذَا كَانَ مُقِيمًا وَالصَّلَاةُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ فَصَلَّى الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رَكْعَةً وَسَجْدَةً ثُمَّ أَحْدَثَ الرَّابِعُ وَقَدَّمَ خَامِسًا فَإِنْ كَانَتْ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ مَسْبُوقِينَ بِأَنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ بَعْدَ الْأَوَّلِ جَاءَ سَاعَتَئِذٍ فَأَحْدَثَ الرَّابِعُ وَقَدَّمَ رَجُلًا جَاءَ سَاعَتَئِذٍ وَتَوَضَّأَ الْأَئِمَّةُ وَجَاءُوا يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدَ الْإِمَامُ الْخَامِسُ السَّجَدَاتِ الْأَرْبَعَ فَيَسْجُدُ الْأُولَى فَيُتَابِعُهُ فِيهَا الْقَوْمُ وَالْإِمَامُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُمْ انْتَهَتْ إلَيْهَا وَلَا يُتَابِعُهُ فِيهَا الْإِمَامُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَحْسُوبَةٍ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ الْخَامِسِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ مُتَابَعَتُهُ فِيهَا، وَفِي رِوَايَةِ النَّوَادِرِ يَسْجُدُونَهَا مَعَهُ بِطَرِيقِ الْمُتَابَعَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا ثُمَّ يَسْجُدُ الثَّانِيَةَ وَيُتَابِعُهُ فِيهَا الْقَوْمُ وَالْإِمَامُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ صَلَّى تِلْكَ الرَّكْعَةَ وَانْتَهَتْ إلَى هَذِهِ وَلَا يُتَابِعُهُ فِيهَا الْإِمَامُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ يُصَلِّي الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ وَهُوَ مَا صَلَّى تِلْكَ الرَّكْعَةَ بَعْدُ حَتَّى لَوْ كَانَ صَلَّاهَا وَانْتَهَى إلَى السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ سَجَدَ الْإِمَامُ يُتَابِعُهُ، وَكَذَا لَا يُتَابِعُهُ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إلَّا عَلَى رِوَايَةِ النَّوَادِرِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، ثُمَّ يَسْجُدُ الثَّالِثَةَ وَيُتَابِعُهُ فِيهَا الْقَوْمُ وَالْإِمَامُ الثَّالِثُ فَقَطْ، ثُمَّ يَسْجُدُ الرَّابِعَةَ وَيُتَابِعُهُ فِيهَا الْقَوْمُ وَالْإِمَامُ الرَّابِعُ فَقَطْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ إمَامٍ يُتَابِعُهُ فِي سَجْدَةِ رَكْعَتِهِ الَّتِي صَلَّاهَا؛ لِأَنَّهُ انْتَهَى إلَيْهَا وَلَا يُتَابِعُهُ فِي سَجْدَةِ الرَّكْعَةِ الَّتِي هِيَ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الَّتِي أَدْرَكَهَا؛ لِأَنَّهُ فِي حَقِّ تِلْكَ الرَّكْعَةِ مُدْرِكٌ فَيَقْضِي الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ إلَّا إذَا انْتَهَتْ صَلَاتُهُ إلَيْهَا، وَهَلْ يُتَابِعُهُ فِي سَجْدَةِ الرَّكْعَةِ الَّتِي فَاتَتْهُ؟ فَعَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا وَعَلَى رِوَايَةِ النَّوَادِرِ نَعَمْ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيَتَأَخَّرُ فَيُقَدِّمُ سَادِسًا لِيُسَلِّمَ بِهِمْ لِعَجْزِهِ عَنْ التَّسْلِيمِ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ لِمَا مَرَّ، ثُمَّ يَقُومُ الْخَامِسُ فَيُصَلِّي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute