للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَلَيْهِ سَجْدَتَانِ لِتَتِمَّ الرَّكْعَتَانِ وَرَكْعَتَانِ أُخْرَاوَانِ، فَيَجْمَعُ بَيْنَ الْكُلِّ احْتِيَاطًا وَيُقَدِّمُ السَّجْدَتَيْنِ؛ لِمَا قُلْنَا، وَبَعْدَ السَّجْدَتَيْنِ هَلْ يَسْجُدُ أَمْ لَا؟ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ اخْتِلَافِ الْمَشَايِخِ؛ لِأَنَّ الْقَعْدَةَ دَائِرَةٌ بَيْنَ أَنَّهَا بَعْدَ رَكْعَةٍ أَمْ بَعْدَ رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ سَجَدَ السَّجْدَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ كَانَتْ الْقَعْدَةُ بَعْدَ رَكْعَةٍ، وَإِنْ كَانَ سَجَدَهُمَا فِي رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ الْقَعْدَةُ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَبَعْدَ رَكْعَةٍ بِدْعَةً، وَبَعْدَهُمَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ سُنَّةٌ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ وَاجِبَةٌ، وَكَذَا هَذَا الِاخْتِلَافُ فِيمَا إذَا صَلَّى بَعْدَ السَّجْدَتَيْنِ رَكْعَةً وَاحِدَةً لِكَوْنِ الرَّكْعَةِ دَائِرَةً بَيْنَ كَوْنِهَا ثَانِيَةً وَبَيْنَ كَوْنِهَا ثَالِثَةً؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ سَجَدَ السَّجْدَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ كَانَتْ هَذِهِ الرَّكْعَةُ ثَانِيَةً، وَإِنْ كَانَ سَجَدَهُمَا فِي رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ هَذِهِ الرَّكْعَةُ ثَالِثَةً، وَإِذَا صَلَّى رَكْعَةً أُخْرَى يَجْلِسُ بِالِاتِّفَاقِ لِكَوْنِهَا دَائِرَةً بَيْنَ كَوْنِهَا رَابِعَةً وَبَيْنَ كَوْنِهَا ثَالِثَةً فَافْهَمْ.

وَلَوْ تَرَكَ سَبْعَ سَجَدَاتٍ يَسْجُدُ سَجْدَةً وَيُصَلِّي ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ؛ لِأَنَّهُ مَا سَجَدَ إلَّا سَجْدَةً وَاحِدَةً فَلَمْ تَتَقَيَّدْ إلَّا رَكْعَةٌ فَعَلَيْهِ سَجْدَةُ لِتَتِمَّ هَذِهِ الرَّكْعَةُ وَثَلَاثُ رَكَعَاتٍ لِتَتِمَّ الْأَرْبَعُ.

وَلَوْ تَرَكَ ثَمَانِ سَجَدَاتٍ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ وَيُصَلِّي ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فَإِذَا أَتَى بِسَجْدَتَيْنِ يَلْتَحِقَانِ بِرُكُوعٍ وَاحِدٍ وَيَرْتَفِضُ الْبَاقِي عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ فَيَصِيرُ مُصَلِّيًا رَكْعَةً فَيَكُونُ عَلَيْهِ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ لِتَتِمَّ الْأَرْبَعُ.

وَلَوْ تَرَكَ مِنْ الْمَغْرِبِ سَجْدَةً سَجَدَهَا لَا غَيْرُ لِمَا مَرَّ وَإِنْ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ وَيُصَلِّي رَكْعَةً لِمَا بَيَّنَّا وَيَقْعُدُ بَعْدَ السَّجْدَتَيْنِ لِجَوَازِ أَنَّ فَرْضَهُ تَمَّ بِأَنْ تَرَكَهَا مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَالرَّكْعَةُ تَكُونُ تَطَوُّعًا فَلَا بُدَّ مِنْ الْقُعُودِ، وَإِنْ تَرَكَ ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ يَسْجُدُ ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ وَيُصَلِّي رَكْعَةً؛ لِأَنَّهُ إنْ تَرَكَ ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ مِنْ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ فَإِذَا سَجَدَهَا فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ فَيَتَشَهَّدُ، وَإِنْ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ إحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَسَجْدَتَيْنِ مِنْ الثَّالِثَةِ فَعَلَيْهِ ثَلَاثُ سَجَدَاتٍ، وَإِنْ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ مِنْ إحْدَى الْأُولَيَيْنِ فَعَلَيْهِ سَجْدَةٌ وَرَكْعَةٌ فَيَجْمَعُ بَيْنَ الْكُلِّ.

وَلَوْ تَرَكَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَالْعِبْرَةُ فِي هَذَا لِلْمُؤَدَّاةِ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ فَهَذَا رَجُلٌ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ فَإِنْ سَجَدَهُمَا فِي رَكْعَةٍ فَقَدْ صَلَّى رَكْعَةً فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ أُخْرَاوَيْنِ، وَإِنْ سَجَدَهُمَا فِي رَكْعَتَيْنِ فَقَدْ تَقَيَّدَ بِكُلِّ سَجْدَةٍ رَكْعَةٌ فَعَلَيْهِ سَجْدَتَانِ لِيَتِمَّا ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً، فَفِي حَالٍ عَلَيْهِ رَكْعَتَانِ وَفِي حَالٍ سَجْدَتَانِ وَرَكْعَةٌ فَيَجْمَعُ بَيْنَ الْكُلِّ احْتِيَاطًا وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ.

وَبَعْدَ السَّجْدَتَيْنِ الْجِلْسَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقْعُدُ عَلَى مَا مَرَّ وَبَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ يَجْلِسُ لَا مَحَالَةَ لِجَوَازِ أَنَّهَا ثَالِثَةٌ، وَإِنْ تَرَكَ خَمْسَ سَجَدَاتٍ يَسْجُدُ سَجْدَةً وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ بِهَذِهِ السَّجْدَةِ عَنْ الرَّكْعَةِ الَّتِي قَيَّدَهَا بِالسَّجْدَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْوِ وَقَدْ كَانَ قَيَّدَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى بِالسَّجْدَةِ لَالْتَحَقَتْ هَذِهِ السَّجْدَةُ بِالرُّكُوعِ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثِ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ فَيَتَقَيَّدُ لَهُ رَكْعَتَانِ يَتَوَقَّفَانِ عَلَى سَجْدَتَيْنِ، فَإِذَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَدَائِهَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَتِمُّ بِهِمَا الرَّكْعَتَانِ الْمُقَيَّدَتَانِ فَسَدَتْ فَرْضِيَّةُ صَلَاتِهِ، فَإِذَا نَوَى بِهَذِهِ السَّجْدَةِ عَنْ الرَّكْعَةِ الَّتِي تَقَيَّدَتْ بِتِلْكَ السَّجْدَةِ تَمَّتْ بِهِ فَبَعْدَ ذَلِكَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَيَقْعُدُ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ ثَانِيَتُهُ بِيَقِينٍ فَلَمْ يَكُنْ فِي الْقَعْدَةِ شُبْهَةُ الْبِدْعَةِ.

وَلَوْ تَرَكَ سِتَّ سَجَدَاتٍ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ فَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ لِتَلْتَحِقَا بِرُكُوعٍ مِنْهَا عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ فَتَتِمُّ لَهُ رَكْعَةٌ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً وَيَقْعُدُ لِعَدَمِ شُبْهَةِ الْبِدْعَةِ ثُمَّ أُخْرَى وَيَقْعُد فَرْضًا هَذَا إذَا كَانَ لَمْ يَزِدْ عَلَى عَدَدِ رَكَعَاتِ صَلَاتِهِ فَأَمَّا إذَا زَادَ بِأَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ فَإِنْ تَرَكَ مِنْهَا سَجْدَةً فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَكَذَلِكَ إذَا تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ وَثَلَاثًا، وَإِنْ تَرَكَ أَرْبَعًا لَمْ تَفْسُدْ.

وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الصَّلَاةَ مَتَى دَارَتْ بَيْنَ الْجَوَازِ وَالْفَسَادِ نَحْكُمُ بِفَسَادِهَا احْتِيَاطًا، وَإِنَّ مَنْ انْتَقَلَ مِنْ الْفَرْضِ إلَى النَّفْلِ وَقَيَّدَ النَّفَلَ بِالسَّجْدَةِ قَبْلَ إتْمَامِ الْفَرْضِ بِأَنْ بَقِيَ عَلَيْهِ الْقَعْدَةُ الْأَخِيرَةُ أَوْ بَقِيَ عَلَيْهِ سَجْدَةٌ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ مِنْ ضَرُورَةِ دُخُولِهِ فِي النَّفْلِ خُرُوجُهُ عَنْ الْفَرْضِ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ رُكْنٌ فَيَفْسُدُ فَرْضُهُ كَمَا لَوْ اشْتَغَلَ بِعَمَلٍ آخَرَ قَبْلَ تَمَامِ الْفَرْضِ، وَأَصْلٌ آخَرُ أَنَّهُ إذَا زَادَ عَلَى رَكَعَاتِ الْفَرْضِ رَكْعَةً يَضُمُّ الرَّكْعَةَ الزَّائِدَةَ إلَى الرَّكَعَاتِ الْأَصْلِيَّةِ وَيَنْظُرُ إلَى عَدَدِهَا ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى سَجَدَاتِ عَدَدِهَا فَتَكُونُ سَجَدَاتُ الْفَجْرِ بِالْمَزِيدِ سِتًّا؛ لِأَنَّهَا مَعَ الرَّكْعَةِ الزَّائِدَةِ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَلِكُلِّ رَكْعَةٍ سَجْدَتَانِ وَسَجَدَاتُ الظُّهْرِ بِالْمَزِيدِ عَشْرًا وَسَجَدَاتُ الْمَغْرِبِ بِالْمَزِيدِ ثَمَانِيًا، ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ أَوْ النِّصْفَ يُحْكَمُ بِفَسَادِ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّ مِنْ الْجَائِزِ أَنَّهُ أَتَى فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِسَجْدَةٍ فَتَتَقَيَّدُ رَكَعَاتُ الْفَرْضِ كُلُّهَا، ثُمَّ انْتَقَلَ مِنْهَا إلَى الرَّكْعَةِ الزَّائِدَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>