للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهِيَ تَطَوُّعٌ قَبْلَ أَدَاءِ تِلْكَ السَّجَدَاتِ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ يُعْلَمُ يَقِينًا أَنَّ الْمَفْرُوضَ مَعَ الزَّائِدِ لَمْ يَتَقَيَّدْ الْكُلُّ فَإِنَّ الْفَجْرَ مَعَ الزَّائِدِ لَمْ يَتَقَيَّدْ بِسَجْدَتَيْنِ بَلْ لَوْ تَقَيَّدَ تَقَيَّدَ رَكْعَتَانِ لَا غَيْرُ؛ لِأَنَّ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ تَتَقَيَّدَ بِسَجْدَتَيْنِ فَلَمْ يُوجَدْ الِانْتِقَالُ إلَى النَّفْلِ بَعْدُ، وَكَذَا خَمْسُ رَكَعَاتٍ فِي الظُّهْرِ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ تَتَقَيَّدَ بِأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ، وَلَا الْمَغْرِبُ مَعَ الزِّيَادَةِ بِثَلَاثِ سَجَدَاتٍ فَلَا يَتَحَقَّقُ الِانْتِقَالُ إلَى النَّفْلِ، ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَمْ تَفْسُدْ فَتَكُونُ الْمُؤَدَّيَاتُ أَقَلَّ لَا مَحَالَةَ، فَيَنْظُرُ إلَى الْمُؤَدَّيَاتِ فِي ذَلِكَ الْفَرْضِ ثُمَّ يُتَمِّمُ الْفَرْضَ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَإِذَا عَرَفْتِ هَذِهِ الْأُصُولَ فَنَقُولُ: إذَا صَلَّى الْغَدَاةَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَتَرَكَ مِنْهَا سَجْدَةً فَسَدَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ تَرَكَهَا مِنْ الْأُولَى أَوْ مِنْ الثَّانِيَةِ فَسَدَتْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَيَّدَ الثَّالِثَةَ بِسَجْدَةٍ فَقَدْ انْعَقَدَتْ نَفْلًا فَصَارَ خَارِجًا مِنْ الْفَرْضِ ضَرُورَةَ دُخُولِهِ فِي النَّفْلِ فَخَرَجَ مِنْ الْفَرْضِ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْهُ سَجْدَةٌ فَفَسَدَ فَرْضُهُ، كَمَا لَوْ صَلَّى الْفَجْرَ رَكْعَتَيْنِ وَتَرَكَ مِنْهَا سَجْدَةً فَلَمْ يَسْجُدْهَا حَتَّى قَامَ وَذَهَبَ، وَإِنْ تَرَكَهَا مِنْ الثَّالِثَةِ لَا تَفْسُدُ فَدَارَتْ بَيْنَ الْجَوَازِ وَالْفَسَادِ فَنَحْكُمُ بِالْفَسَادِ، فَإِنْ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ إنْ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ الْأُولَى وَسَجْدَةً مِنْ الثَّانِيَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِتَقَيُّدِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ رَكْعَتَيْ الْفَرْضِ بِسَجْدَةٍ، ثُمَّ دَخَلَ فِي النَّفْلِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْفَرْضِ، وَكَذَا إنْ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ إحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَسَجْدَةً مِنْ الثَّالِثَةِ؛ لِأَنَّ تَرْكَ سَجْدَةٍ مِنْ الْأُولَيَيْنِ يَكْفِي لِفَسَادِ الْفَرْضِ لِمَا قُلْنَا، وَإِنْ تَرَكَهُمَا مِنْ الثَّالِثَةِ لَا يَفْسُدُ فَرْضُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كُلُّ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْنِ، فَإِذًا فِي حَالَيْنِ تَفْسُدُ وَفِي حَالٍ تَجُوزُ.

وَلَوْ كَانَتْ تَجُوزُ فِي حَالَيْنِ وَتَفْسُدُ فِي حَالٍ لَلَزِمَ الْفَسَادُ فَهَهُنَا أَوْلَى، وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ أَرَادَ بِالْقَوْلَيْنِ الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ يَحْتَمِلُ أَحَدُهُمَا الْجَوَازَ وَالْآخَرُ الْفَسَادَ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَنَحْكُمُ بِالْفَسَادِ، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ حَقَّقَ الْقَوْلَيْنِ فَقَالَ فِي قَوْلٍ: تَفْسُدُ لِمَا قُلْنَا، وَفِي قَوْلٍ: لَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ السَّجْدَتَيْنِ الْمَتْرُوكَتَيْنِ مِنْ الثَّالِثَةِ تَحَرِّيًا لِلْجَوَازِ، وَهَذَا غَيْرُ سَدِيدٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِيمَا إذَا تَرَكَ سَجْدَةً وَاحِدَةً قَوْلَانِ فِي قَوْلٍ لَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ تَرَكَهَا مِنْ الثَّالِثَةِ تَحَرِّيًا لِلْجَوَازِ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ تَفْسُدُ لِمَا قُلْنَا.

وَلَوْ تَرَكَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ لَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّ الْمَتْرُوكَ أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ فَهَذَا الرَّجُلُ مَا سَجَدَ إلَّا سَجْدَتَيْنِ سَوَاءٌ سَجَدَهُمَا فِي رَكْعَتَيْنِ أَوْ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَمْ يَصِرْ بِذَلِكَ خَارِجًا مِنْ الْفَرْضِ إلَى النَّفْلِ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ أَقَلُّ مِنْ رَكْعَةٍ فَلَمْ يَصِرْ مُنْتَقِلًا إلَى النَّفْلِ بَعْدُ فَلَا يَفْسُدُ فَرْضُهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ سَجْدَتَيْنِ وَيَتَشَهَّدَ وَلَا يُسَلِّمَ ثُمَّ يَقُومَ وَيُصَلِّيَ رَكْعَةً كَامِلَةً؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَتَى بِسَجْدَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ أَتَى بِهِمَا فِي رَكْعَتَيْنِ فَعَلَيْهِ سَجْدَتَانِ لَا غَيْرُ، وَإِنْ كَانَ أَتَى بِهِمَا فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ فَعَلَيْهِ رَكْعَةٌ كَامِلَةٌ فَيَجْمَعُ بَيْنَ الْكُلِّ احْتِيَاطًا وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ أَوَّلًا وَيَتَشَهَّدُ ثُمَّ يَقُومُ وَيُصَلِّي رَكْعَةً لِمَا ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ، وَصَارَ هَذَا كَمَا لَوْ صَلَّى الْغَدَاةَ رَكْعَتَيْنِ وَتَرَكَ مِنْهَا سَجْدَتَيْنِ وَجَوَابُهُ مَا ذَكَرْنَا كَذَا هَذَا وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ خَمْسَ سَجَدَاتٍ لَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ مَا صَلَّى إلَّا رَكْعَةً وَاحِدَةً فَيَسْجُدُ سَجْدَةً أُخْرَى لِتَتِمَّ الرَّكْعَةُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً أُخْرَى كَمَا إذَا صَلَّى الْغَدَاةَ رَكْعَتَيْنِ وَتَرَكَ مِنْهَا ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ وَالْجَوَابُ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا فَكَذَا هَذَا وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ سِتَّ سَجَدَاتٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ شَيْئًا وَإِنَّمَا رَكَعَ ثَلَاثَ رُكُوعَاتٍ فَيَأْتِي بِسَجْدَتَيْنِ حَتَّى يَصِيرَ لَهُ رَكْعَةٌ كَامِلَةٌ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً أُخْرَى، كَمَا إذَا صَلَّى الْفَجْرَ رَكْعَتَيْنِ وَتَرَك مِنْهَا أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، وَعَلَى هَذَا إذَا صَلَّى الظُّهْرَ أَوْ الْعَصْرَ أَوْ الْعِشَاءَ خَمْسًا وَتَرَكَ مِنْهَا سَجْدَةً ثُمَّ قَامَ وَذَهَبَ.

وَلَوْ تَرَكَ مِنْهَا سَجْدَتَيْنِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ إنْ تَرَكَهَا مِنْ الْأَرْبَعِ الْأُوَلِ، وَكَذَلِكَ إنْ تَرَكَ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَرَكَ مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ سَجْدَةً فَتَرَكَ ثَلَاثًا مِنْ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعًا مِنْ الْأَرْبَعِ وَخَمْسًا مِنْ خَمْسٍ وَذَلِكَ جِهَةُ الْفَسَادِ.

وَلَوْ تَرَكَ سِتَّ سَجَدَاتٍ لَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّ الْمَتْرُوكَ هَهُنَا أَكْثَرُ؛ لِأَنَّهُ مَا سَجَدَ إلَّا أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ فَيَسْجُدُ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ أُخَرَ ثُمَّ يَقُومُ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَيَكُونُ كَمَا إذَا صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَتَرَكَ مِنْهَا أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، وَالْجَوَابُ وَالْمَعْنَى فِيهِ مَا ذَكَرْنَا هُنَالِكَ كَذَا هَهُنَا وَكَذَلِكَ إنْ تَرَكَ مِنْهَا سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيًا أَوْ تِسْعًا أَوْ عَشْرًا فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا صَلَّى أَرْبَعًا وَتَرَكَ ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ أَوْ سَجْدَتَيْنِ أَوْ سَجْدَةً أَوْ لَمْ يَسْجُدْ رَأْسًا لَا يَخْتَلِفُ الْجَوَابُ وَلَا الْمَعْنَى وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ كُلُّهُ وَكَذَلِكَ لَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَتَرَكَ مِنْهَا سَجْدَةً أَوْ سَجْدَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ إذَا صَلَّاهَا خَمْسًا وَتَرَكَ مِنْهَا خَمْسَ سَجَدَاتٍ أَوْ أَقَلَّ، وَإِنْ تَرَكَ مِنْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>