للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ وَالْوِفَاقِ فَنَقُولُ عِنْدَهُمَا يَجِبُ الْعُشْرُ فِي الْعِنَبِ؛ لِأَنَّ الْمُجَفَّفَ مِنْهُ يَبْقَى مِنْ سَنَةٍ إلَى سَنَةٍ وَهُوَ الزَّبِيبُ فَيُخْرَصُ الْعِنَبُ جَافًّا، فَإِنْ بَلَغَ مِقْدَارَ مَا يَجِيءُ مِنْ الزَّبِيبِ خَمْسَةَ، أَوْسُقٍ يَجِبُ فِي عِنَبِهِ الْعُشْرُ، أَوْ نِصْفُ الْعُشْرِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهِ.

وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْعِنَبَ إذَا كَانَ رَقِيقًا يَصْلُحُ لِلْمَاءِ وَلَا يَجِيءُ مِنْهُ الزَّبِيبُ فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَإِنْ كَثُرَ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ فِيهِ بِاعْتِبَارِ حَالِ الْجَفَافِ.

وَكَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي سَائِرِ الثِّمَارِ إذَا كَانَ يَجِيءُ مِنْهَا مَا يَبْقَى مِنْ سَنَةٍ إلَى سَنَةٍ بِالتَّجْفِيفِ أَنَّهُ يُخْرَصُ ذَلِكَ جَافًّا فَإِنْ بَلَغَ نِصَابًا وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا كَالتِّينِ وَالْإِجَّاصِ وَالْكُمَّثْرَى وَالْخَوْخِ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا إذَا جُفِّفَتْ تَبْقَى مِنْ سَنَةٍ إلَى سَنَةٍ فَكَانَتْ كَالزَّبِيبِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا عُشْرَ فِي التِّينِ وَالْإِجَّاصِ وَالْكُمَّثْرَى وَالْخَوْخِ وَالتُّفَّاحِ وَالْمِشْمِشِ وَالنَّبْقِ وَالتُّوتِ وَالْمَوْزِ وَالْخَرُّوبِ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَ يُنْتَفَعُ بِهَا بَعْضُهَا بِالتَّجْفِيفِ وَبَعْضُهَا بِالتَّشْقِيقِ وَالتَّجْفِيفِ فَالِانْتِفَاعُ بِهَا بِهَذَا الطَّرِيقِ لَيْسَ بِغَالِبٍ وَلَا يُفْعَلُ ذَلِكَ عَادَةً وَيَجِبُ الْعُشْرَ فِي الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْفُسْتُقِ؛ لِأَنَّهَا تَبْقَى مِنْ السَّنَةِ إلَى السَّنَةِ وَيَغْلِبُ الِانْتِفَاعُ بِالْجَافِّ مِنْهَا فَأَشْبَهَتْ الزَّبِيبَ.

وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ فِي الْبَصَلِ الْعُشْرَ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى مِنْ سَنَةٍ إلَى السَّنَةِ وَيَدْخُلُ فِي الْكَيْلِ وَلَا عُشْرَ فِي الْآسِ وَالْوَرْدِ وَالْوَسْمَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الرَّيَاحِينِ وَلَا يَعُمُّ الِانْتِفَاعُ بِهَا.

وَأَمَّا الْحِنَّاءُ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: فِيهِ الْعُشْرُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا عُشْرَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الرَّيَاحِينِ فَأَشْبَهَ الْآسَ وَالْوَرْدَ، وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَدْخُلُ تَحْتَ الْكَيْلِ وَيُنْتَفَعُ بِهِ مَنْفَعَةً عَامَّةً بِخِلَافِ الْآسِ وَالْعُصْفُرِ وَالْكَتَّانِ إذَا بَلَغَ الْقُرْطُمُ وَالْحَبُّ خَمْسَةَ، أَوْسُقٍ وَجَبَ فِيهِ الْعُشْرُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ زِرَاعَتِهَا الْحَبُّ، وَالْحَبُّ يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَسْقِ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْأَوْسُقُ فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ يَجِبُ الْعُشْرُ، وَيَجِبُ فِي الْعُصْفُرِ وَالْكَتَّانِ أَيْضًا عَلَى طَرِيقِ التَّبَعِ وَقَالَا فِي بِزْرِ الْقُنْبِ إذَا بَلَغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَفِيهِ الْعُشْرُ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى وَيُقْصَدُ بِالزِّرَاعَةِ، وَالِانْتِفَاعُ بِهِ عَامٌّ وَلَا شَيْءَ فِي الْقُنْبِ؛ لِأَنَّهُ لِحَاءُ الشَّجَرِ فَأَشْبَهَ لِحَاءَ سَائِرِ الْأَشْجَارِ وَلَا عُشْرَ فِيهِ فَكَذَا فِيهِ.

وَقَالَا فِي حَبِّ الصَّنَوْبَرِ إذَا بَلَغَ الْأَوْسُقَ فَفِيهِ الْعُشْرُ؛ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ الِادِّخَارَ وَلَا شَيْءَ فِي خَشَبِهِ كَمَا لَا شَيْءَ فِي خَشَبِ سَائِرِ الشَّجَرِ، وَيَجِبُ فِي الْكَرَوْيَا وَالْكُزْبَرَةِ وَالْكَمُّونِ وَالْخَرْدَلِ لِمَا قُلْنَا وَلَا يَجِبُ فِي السَّعْتَرِ وَالشُّونِيزِ وَالْحُلْبَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْأَدْوِيَةِ فَلَا يَعُمُّ الِانْتِفَاعُ بِهَا، وَقَصَبُ السُّكَّرِ إذَا كَانَ مِمَّا يُتَّخَذُ مِنْهُ السُّكَّرُ فَإِذَا بَلَغَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ خَمْسَةَ أَفْرَاقٍ وَجَبَ فِيهِ الْعُشْرُ كَذَا قَالَ مُحَمَّدٌ: لِأَنَّهُ يَبْقَى وَيُنْتَفَعُ بِهِ انْتِفَاعًا عَامًّا، وَلَا شَيْءَ فِي الْبَلُّوطِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعُمُّ الْمَنْفَعَةُ بِهِ، وَلَا عُشْرَ فِي بِزْرِ الْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ وَالْخِيَارِ وَالرُّطَبَةِ وَكُلِّ بِزْرٍ لَا يَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِزِرَاعَتِهَا نَفْسُهَا بَلْ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْهَا وَذَا لَا عُشْرَ فِيهِ عِنْدَهُمَا.

وَمِمَّا يَتَفَرَّعُ عَلَى أَصْلِهِمَا مَا إذَا أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ أَجْنَاسًا مُخْتَلِفَةً كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالْعَدَسِ كُلُّ صِنْفٍ مِنْهَا لَا يَبْلُغُ النِّصَابَ وَهُوَ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ أَنَّهُ يُعْطَى كُلُّ صِنْفٍ حُكْمَ نَفْسِهِ، أَوْ يُضَمُّ الْبَعْضُ إلَى الْبَعْضِ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ وَهُوَ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يُضَمُّ الْبَعْضُ إلَى الْبَعْضِ بَلْ يُعْتَبَرُ كُلُّ جِنْسٍ بِانْفِرَادِهِ وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ مَا إذَا أَخْرَجَتْ نَوْعَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ وَابْنُ أَبِي مَالِكٍ عَنْهُ أَنَّ كُلَّ نَوْعَيْنِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا كَالْحِنْطَةِ الْبَيْضَاءِ وَالْحَمْرَاءِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ يُضَمُّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخِرِ سَوَاءٌ خَرَجَا مِنْ أَرْضٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ أَرَاضٍ مُخْتَلِفَةٍ وَيُكَمَّلُ بِهِ النِّصَابُ، وَإِنْ كَانَا مِمَّا يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ لَا يُضَمُّ، وَإِنْ خَرَجَا مِنْ أَرْضٍ وَاحِدَةٍ وَتَعَيَّنَ كُلُّ صِنْفٍ مِنْهَا بِانْفِرَادِهِ مَا لَمْ يَبْلُغْ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ لَا شَيْءَ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْهُ أَنَّ الْغَلَّتَيْنِ إنْ كَانَتَا تُدْرَكَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ تُضَمُّ إحْدَاهُمَا إلَى الْأُخْرَى وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهُمَا، وَإِنْ كَانَتَا لَا تُدْرَكَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لَا تُضَمُّ وَجْهُ رِوَايَةِ اعْتِبَارِ الْإِدْرَاكِ أَنَّ الْحَقَّ يَجِبُ فِي الْمَنْفَعَةِ وَإِنْ كَانَتَا تُدْرَكَانِ فِي مَكَان وَاحِدٍ كَانَتْ مَنْفَعَتُهُمَا وَاحِدَةً فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ اخْتِلَافُ جِنْسِ الْخَارِجِ كَعُرُوضِ التِّجَارَةِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ.

وَإِذَا كَانَ إدْرَاكُهُمَا فِي، أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فَقَدْ اخْتَلَفَتْ مَنْفَعَتُهُمَا فَكَانَا كَالْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ.

وَجْهُ رِوَايَةِ اعْتِبَارِ التَّفَاضُلِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِاخْتِلَافِ النَّوْعِ فِيمَا لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ إذَا كَانَ الْجِنْسُ مُتَّحِدًا كَالدَّرَاهِمِ السُّودِ وَالْبِيضِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ يُضَمُّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ وَإِنْ كَانَ النَّوْعُ مُخْتَلِفًا.

فَأَمَّا فِيمَا لَا يَجْرِي فِيهِ التَّفَاضُلُ فَاخْتِلَافُ الْجِنْسِ مُعْتَبَرٌ فِي الْمَنْعِ مِنْ الضَّمِّ كَالْإِبِلِ مَعَ الْبَقَرِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ وَهُوَ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُوسُف إذَا كَانَ لِرَجُلٍ أَرَاضِي مُخْتَلِفَةٌ فِي رَسَاتِيقَ مُخْتَلِفَةٍ وَالْعَامِلُ وَاحِدٌ ضَمَّ الْخَارِجَ مِنْ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>