الرُّومِيّ، وَالرَّدِيءُ الْهِنْدِيُّ، وَقَدْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: قِيمَةُ الْخَادِمِ الْجَيِّدِ خَمْسُونَ دِينَارًا، وَقِيمَةُ الْوَسَطِ أَرْبَعُونَ، وَقِيمَةُ الرَّدِيءِ ثَلَاثُونَ، وَقِيمَةُ الْبَيْتِ الْوَسَطِ أَرْبَعُونَ دِينَارًا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: إنْ زَادَ السِّعْرُ أَوْ نَقَصَ فَبِحَسَبِ الْغَلَاءِ وَالرُّخْصِ، وَهَذَا لَيْسَ بِاخْتِلَافٍ فِي الْحَقِيقَةِ فَفِي زَمَنِ أَبِي حَنِيفَةَ كَانَتْ الْقِيَمُ مُسَعَّرَةً، وَفِي زَمَانِهِمَا تَغَيَّرَتْ الْقِيمَةُ، فَأَجَابَ كُلٌّ عَلَى عُرْفِ زَمَانِهِ وَالْمُعْتَبَرِ فِي ذِكْرِ الْقِيمَةِ بِلَا خِلَافٍ.
وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى بَيْتٍ وَخَادِمٍ حَتَّى وَجَبَ الْوَسَطُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُمَّ صَالَحَتْ مِنْ ذَلِكَ زَوْجَهَا عَلَى أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْوَسَطِ سِتِّينَ دِينَارًا أَوْ سَبْعِينَ دِينَارًا جَازَ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّهَا بِهَذَا الصُّلْحِ أَسْقَطَتْ بَعْضَ حَقِّهَا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِمَا ثَمَانُونَ فَإِذَا صَالَحَتْ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ أَسْقَطَتْ الْبَعْضَ.
وَمَنْ لَهُ الْحَقُّ إذَا أَسْقَطَ بَعْضَ حَقِّهِ وَاسْتَوْفَى الْبَاقِيَ جَازَ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الصُّلْحَ وَقَعَ عَلَى عَيْنِ الْحَقِّ بِإِسْقَاطِ الْبَعْضِ فَكَانَ الْبَاقِي عَيْنَ الْوَاجِبِ فَجَازَ فِيهِ التَّأْجِيلُ، فَإِنْ صَالَحَتْ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ، فَالْفَضْلُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى إذَا لَمْ يَكُنْ مُسَعَّرًا، فَالْقِيمَةُ وَاجِبَةٌ بِالْعَقْدِ.
وَمَنْ وَجَبَ لَهُ حَقٌّ فَصَالَحَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى مَعْلُومَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ كَمَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى مَكِيلٍ مَوْصُوفٍ أَوْ مَوْزُونٍ مَوْصُوفٍ سِوَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى مَالٌ مَعْلُومٌ لَا جَهَالَةَ فِيهِ بِوَجْهٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ ثَبَتَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ ثُبُوتًا مُطْلَقًا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْبَيْعُ بِهِ وَالسَّلَمُ فِيهِ وَيُضْمَنُ بِالْمِثْلِ فَيُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى دَفْعِهِ وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ عِوَضِهِ إلَّا بِرِضَا الْمَرْأَةِ.
وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ وَلَمْ يَصِفْ صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مَعْلُومُ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ فَتَصِحُّ تَسْمِيَتُهُ، فَإِنْ شَاءَ الزَّوْجُ أَعْطَاهَا الْوَسَطَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهَا قِيمَتَهُ كَذَا ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ فِي جَامِعِهِ.
وَذَكَرَ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ الْوَسَطِ (وَجْهُ) مَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ أَنَّ الْقِيمَةَ أَصْلٌ فِي إيجَابِ الْوَسَطِ؛ لِأَنَّ بِهَا يُعْرَفُ كَوْنُهُ وَسَطًا فَكَانَ أَصْلًا فِي التَّسْلِيمِ كَمَا فِي الْعَبْدِ (وَجْهُ) رِوَايَةِ الْحَسَنِ أَنَّ الشَّرْعَ لَمَّا أَوْجَبَ الْوَسَطَ فَقَدْ تَعَيَّنَ الْوَسَطُ بِتَعْيِينِ الشَّرْعِ فَصَارَ كَمَا لَوْ عَيَّنَّهُ بِالتَّسْمِيَةِ.
وَلَوْ سَمَّى الْوَسَطَ يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ كَذَا هَذَا بِخِلَافِ الْعَبْدِ، فَإِنَّ هُنَاكَ لَوْ سَمَّى الْوَسَطَ وَنَصَّ عَلَيْهِ لَا يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ فَكَذَا إذَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا الثِّيَابُ فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى ثِيَابٍ مَوْصُوفَةٍ أَنَّهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ سَلَّمَهَا وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ قِيمَتَهَا، وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ مَا إذَا سَمَّى لَهَا أَجَلًا أَوْ لَمْ يُسَمِّ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إنْ أَجَّلَهَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهَا، وَإِنْ لَمْ يُؤَجِّلْهَا فَلَهَا الْقِيمَةُ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِهَا مِنْ غَيْرِ هَذَا التَّفْصِيلِ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ (وَجْهُ) مَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ الثِّيَابَ لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ ثُبُوتًا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ بِالْقِيمَةِ لَا بِالْمِثْلِ فِي ضَمَانِ الْعُدْوَانِ وَلَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ بِنَفْسِهَا فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ بَلْ بِوَاسِطَةِ الْأَجَلِ فَكَانَتْ كَالْعَبِيدِ، وَهُنَاكَ لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الْعَبْدِ وَلَهُ أَنْ يُسَلِّمَ الْقِيمَةَ كَذَا هَهُنَا، وَأَبُو يُوسُفَ يَقُولُ: إذَا أَجَّلَهَا فَقَدْ صَارَتْ بِحَيْثُ تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ ثُبُوتًا مُطْلَقًا أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ فِي السَّلَمِ فَيُجْبَرُ عَلَى الدَّفْعِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ فِي الْبَيْعِ لَا يَحْتَمِلُ الْجَهَالَةَ رَأْسًا، وَالْمَهْرُ فِي النِّكَاحِ يَحْتَمِلُ ضَرْبًا مِنْ الْجَهَالَةِ فَلَمَّا ثَبَتَتْ فِي الذِّمَّةِ فِي الْبَيْعِ فَلَأَنْ تَثْبُتَ فِي النِّكَاحِ أَوْلَى (وَجْهُ) الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ امْتِنَاعَ ثُبُوتِهَا فِي الذِّمَّةِ لِمَكَانِ الْجَهَالَةِ فَإِذَا وُصِفَتْ فَقَدْ زَالَتْ الْجَهَالَةُ فَيَصِحُّ ثُبُوتُهَا فِي الذِّمَّةِ مَهْرًا فِي النِّكَاحِ، وَإِنَّمَا لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا إلَّا مُؤَجَّلًا؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِهَا يَقِفُ عَلَى التَّأْجِيلِ، بَلْ؛ لِأَنَّ السَّلَمَ لَمْ يُشْرَعْ إلَّا مُؤَجَّلًا وَالْأَجَلُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْمَهْرِ فَكَانَ ثُبُوتُهَا فِي الْمَهْرِ غَيْرَ مُؤَجَّلَةٍ كَثُبُوتِهَا فِي السَّلَمِ مُؤَجَّلَةً فَيُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِهَا.
وَلَوْ قَالَ تَزَوَّجْتُكِ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ أَوْ عَلَى أَلْفٍ أَوْ عَلَى أَلْفَيْنِ، فَالتَّسْمِيَةُ فَاسِدَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَيُحَكَّمُ مَهْرُ مِثْلِهَا، فَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا مِثْلَ الْأَدْوَنِ أَوْ أَقَلَّ فَلَهَا الْأَدْوَنُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الزَّوْجُ بِالْأَرْفَعِ، وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا مِثْلَ الْأَرْفَعِ فَلَهَا الْأَرْفَعُ إلَّا أَنْ تَرْضَى الْمَرْأَةُ بِالْأَدْوَنِ وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا فَوْقَ الْأَدْوَن أَوْ أَقَلَّ مِنْ الْأَرْفَع فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: التَّسْمِيَةُ صَحِيحَةٌ وَلَهَا الْأَدْوَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ (وَجْهُ) قَوْلِهِمَا أَنَّ الْمَصِيرَ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ تَعَذُّرِ إيجَابِ الْمُسَمَّى، وَلَا تَعَذُّرَ هَهُنَا لِأَنَّهُ يُمْكِنُ إيجَابُ الْأَقَلِّ لِكَوْنِهِ مُتَيَقَّنًا، وَفِي الزِّيَادَةِ شَكٌّ فَيَجِبُ