للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِلْكَيْهِمَا، فَتَكُونُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ حَدَثَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ، فَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالنِّصْفِ لِلزَّوْجِ، فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَضَى بِهِ، فَقَدْ عَادَ نِصْفُ الْمَهْرِ إلَى الزَّوْجِ، فَحَصَلَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمِلْكَيْنِ، فَكَانَتْ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالنِّصْفِ لِلزَّوْجِ، فَالْمَهْرُ فِي يَدِهَا كَالْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ كَانَ لَهَا، وَقَدْ فُسِخَ مِلْكُهَا فِي النِّصْفِ بِالطَّلَاقِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَهْرُ عَبْدًا.

فَأَعْتَقَهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالنِّصْفِ لِلزَّوْجِ جَازَ إعْتَاقُهَا، وَلَوْ أَعْتَقَهُ الزَّوْجُ لَا يَنْفُذُ، وَإِنْ قَضَى الْقَاضِي لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَالْبَائِعِ إذَا أَعْتَقَ الْعَبْدَ الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ، وَإِنْ رُدَّ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا هَهُنَا هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا حُكْمُ الزِّيَادَةِ.

(وَأَمَّا) حُكْمُ النُّقْصَانِ، فَحُدُوثُ النُّقْصَانِ فِي الْمَهْرِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي يَدِ الزَّوْجِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ، فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الزَّوْجِ، فَلَا يَخْلُو مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ.

إمَّا أَنْ يَكُونَ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِفِعْلِ الزَّوْجِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِفِعْلِ الْمَهْرِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِفِعْلِ الْمَرْأَةِ، وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ قَبْضِ الْمَهْرِ، أَوْ بَعْدَهُ، وَالنُّقْصَانُ فَاحِشٌ أَوْ غَيْرُ فَاحِشٍ، فَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ، وَهُوَ فَاحِشٌ قَبْلَ الْقَبْضِ؛ فَالْمَرْأَةُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ الْعَبْدَ النَّاقِصَ، وَأَتْبَعَتْ الْجَانِيَ بِالْأَرْشِ، وَإِنْ شَاءَتْ تَرَكَتْ، وَأَخَذَتْ مِنْ الزَّوْجِ قِيمَةَ الْعَبْدِ يَوْمَ الْعَقْدِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِضَمَانِ النُّقْصَانِ، وَهُوَ الْأَرْشُ أَمَّا ثُبُوتُ الْخِيَارِ؛ فَلِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمَهْرُ قَدْ تَغَيَّرَ قَبْلَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بَعْضُهُ قِيمَةً، وَيُعْتَبَرُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَوَجَبَ الْخِيَارُ كَتَغَيُّرِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَإِنْ اخْتَارَتْ أَخْذَ الْعَبْدِ أَتْبَعَتْ الْجَانِيَ بِالْأَرْشِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ حَصَلَتْ عَلَى مِلْكِهَا، وَإِنْ اخْتَارَتْ أَخْذَ الْقِيمَةَ؛ أَتْبَعَ الزَّوْجُ الْجَانِيَ بِالْأَرْشِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْعَيْنَ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ، فَقَامَ مَقَامَ الْمَرْأَةِ، فَكَانَ الْأَرْشُ لَهُ، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ الْعَبْدَ نَاقِصًا، وَتُضَمِّنَ الزَّوْجَ الْأَرْشَ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا اخْتَارَتْ أَخْذَهُ، فَقَدْ أَبْرَأَتْ الزَّوْجَ مِنْ ضَمَانِهِ، وَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، فَالْمَرْأَةُ بِالْخِيَارِ، إنْ شَاءَتْ أَخَذَتْهُ نَاقِصًا، وَلَا شَيْءَ لَهَا غَيْرَ ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَتْ تَرَكَتْهُ، وَأَخَذَتْ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ مَضْمُونٌ عَلَى الزَّوْجِ بِالْعَقْدِ، وَالْأَوْصَافُ لَا تُضْمَنُ بِالْعَقْدِ لِعَدَمِ، وُرُودِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا مَوْصُوفًا، فَلَا يَظْهَرُ الضَّمَانُ فِي حَقِّهَا، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْأَصْلِ لِوُرُودِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ لِتَغَيُّرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمَهْرُ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ، وَهَذَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ كَالْمَبِيعِ إذَا اُنْتُقِصَ فِي يَدِ الْبَائِعِ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِيهِ كَذَا هَذَا.

وَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ بِفِعْلِ الزَّوْجِ ذُكِرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ أَخَذَتْهُ نَاقِصًا، وَأَخَذَتْ مَعَهُ أَرْشَ النُّقْصَانِ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْعَقْدِ كَذَا ذُكِرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَفَرْقٌ بَيْنَ هَذَا، وَبَيْنَ الْبَائِعِ إذَا جَنَى عَلَى الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ.

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا جَنَى عَلَى الْمَهْرِ؛ فَهِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ أَخَذَتْهُ نَاقِصًا، وَلَا شَيْءَ لَهَا غَيْرَ ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ الْقِيمَةَ، وَسُوِّيَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الْمَبِيعِ (وَوَجْهُ) التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا، أَنَّ الْمَهْرَ مَضْمُونٌ عَلَى الزَّوْجِ بِالنِّكَاحِ لَمْ يَسْتَقِرَّ مِلْكُهَا فِيهِ كَالْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ، ثُمَّ الْحُكْمُ فِي الْبَيْعِ هَذَا كَذَا فِي النِّكَاحِ.

(وَوَجْهُ) الْفَرْقِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْأَوْصَافَ، وَهِيَ الْأَتْبَاعُ إنْ كَانَتْ لَا تُضْمَنُ بِالْعَقْدِ، فَإِنَّهَا تُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ مَقْصُودَةً بِالْإِتْلَافِ، فَتَصِيرُ مَضْمُونَةً إلَّا أَنَّ الْمَبِيعَ، لَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِضَمَانٍ آخَرَ، وَهُوَ الثَّمَنُ، وَالْمَحَلُّ الْوَاحِدُ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا بِضَمَانَيْنِ، وَالْمَهْرُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الزَّوْجِ بِمِلْكِ النِّكَاحِ بَلْ بِالْقِيمَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَتْلَفَ الْمَهْرَ لَا يَبْطُلُ مِلْكُ النِّكَاحِ، وَلَكِنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ، فَكَذَا إذَا أَتْلَفَ الْجُزْءَ، وَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ بِفِعْلِ الْمَهْرِ بِأَنْ جَنَى الْمَهْرُ عَلَى نَفْسِهِ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ حُكْمُ هَذَا النُّقْصَانِ مَا هُوَ حُكْمُ النُّقْصَانِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ هَدْرٌ، فَالْتَحَقَتْ بِالْعَدَمِ، فَكَانَتْ كَالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ، وَفِي رِوَايَةٍ حُكْمُهُ حُكْمُ جِنَايَةِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ مَضْمُونٌ فِي يَدِ الضَّامِنِ، وَهُوَ الزَّوْجُ، وَجِنَايَةُ الْمَضْمُونِ فِي يَدِ الضَّامِنِ كَجِنَايَةِ الضَّامِنِ كَالْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ إذَا جَنَى عَلَى نَفْسِهِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، وَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ بِفِعْلِ الْمَرْأَةِ، فَقَدْ صَارَتْ قَابِضَةً بِالْجِنَايَةِ، فَجُعِلَ كَأَنَّ النُّقْصَانَ حَصَلَ فِي يَدِهَا كَالْمُشْتَرِي إذَا جَنَى عَلَى الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ أَنَّهُ يَصِيرُ قَابِضًا لَهُ كَذَا هَهُنَا إذَا كَانَ النُّقْصَانُ فَاحِشًا.

فَأَمَّا إذَا كَانَ يَسِيرًا، فَلَا خِيَارَ لَهَا كَمَا إذَا كَانَ هَذَا الْعَيْبُ بِهِ يَوْمَ الْعَقْدِ، ثُمَّ إنْ كَانَ هَذَا النُّقْصَانُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِفِعْلِ الْمَرْأَةِ أَوْ بِفِعْلِ الْمَهْرِ؛ فَلَا شَيْءَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ تَتْبَعُهُ بِنِصْفِ النُّقْصَانِ.

وَكَذَا إنْ كَانَ بِفِعْلِ الزَّوْجِ هَذَا إذَا حَدَثَ النُّقْصَانُ

<<  <  ج: ص:  >  >>