مِمَّا يَدْخُلُ فِي الْحُكْمِ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ عَلَيَّ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ لَمْ يُجْبِرْهُ الْحَاكِمُ عَلَى الِاخْتِيَارِ إنَّمَا يُفْتِي فِي الْوُقُوعِ أَنْ يُوقِعَ أَيَّهُمَا شَاءَ وَيُبْطِلَ الْأُخْرَى، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ فُلَانَةُ عَلَيَّ حَرَامٌ يَعْنِي الْيَمِينَ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ تَخْيِيرَ الْفَتْوَى وَلَا يُجْبِرُهُ الْقَاضِي حَتَّى يَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ أَنْ يَقْرَبَ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُسْقِطَ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ بِالْكَفَّارَةِ فَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ أَنْ يَقْرَبَ يُخَيَّرُ تَخْيِيرَ حُكْمٍ وَيُقَالُ لَهُ أَوْقِعْ طَلَاقَ الْإِيلَاءِ عَلَى الَّتِي حَرَّمْتَ أَوْ طَلَاقَ الْكَلَامِ عَلَى الَّتِي تَكَلَّمْتَ بِطَلَاقِهَا لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا بُدَّ أَنْ يَقَعَ عَلَى إحْدَاهُمَا فَخُيِّرَ فِيهِ تَخْيِيرَ الْحَاكِمِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ إذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ لَا أَدْخُلُ هَذِهِ فَإِنْ دَخَلَ إحْدَاهُمَا حَنِثَ لِأَنَّ كَلِمَةَ أَوْ إذَا دَخَلَتْ بَيْنَ شَيْئَيْنِ تَنَاوَلَتْ كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى الِانْفِرَادِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا﴾ [الإنسان: ٢٤] .
قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ أَبَدًا أَوْ لَأَدْخُلَنَّ هَذِهِ الدَّارَ الْأُخْرَى الْيَوْمَ فَإِنْ دَخَلَ الْأُولَى حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْهَا وَلَمْ يَدْخُلْ الْأُخْرَى حَتَّى مَضَى الْيَوْمُ حَنِثَ لِأَنَّهُ خَيَّرَ نَفْسَهُ فِي الْيَمِينِ أَنْ لَا يَدْخُلَ الدَّارَ الْأُولَى أَوْ يَدْخُلَ الْأُخْرَى فِي الْيَوْمِ فَإِنْ دَخَلَ الْأُخْرَى فِي الْيَوْمِ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ مَضَى الْيَوْمُ حَنِثَ فِي إحْدَى الْيَمِينَيْنِ قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ سَمِعْتُ مُحَمَّدًا قَالَ فِي رَجُلٍ قَالَ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ يَدْخُلْ هَذِهِ الدَّارَ الْيَوْمَ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْهَا الْيَوْمَ دَخَلَ هَذِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَيْسَ هَذَا بِاسْتِثْنَاءٍ وَالْيَمِينُ عَلَى حَالِهَا وَلَا أُبَالِي وَصَلَ هَذَا الْكَلَامِ أَوْ فَصَلَهُ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ الدَّارَ الْأُولَى الْيَوْمَ حَنِثَ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْهَا لَيْسَ بِلَفْظِ تَخْيِيرٍ فَبَقِيَتْ الْيَمِينُ الْأُولَى بِحَالِهَا - وَاَللَّهُ ﷿ أَعْلَمُ - هَذَا إذَا كَانَ الشَّرْطُ شَيْئًا وَاحِدًا فَإِنْ كَانَ شَيْئَيْنِ بِأَنْ عَطَفَ أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِحَرْفِ الْعَطْفِ لَا يَنْزِلُ إلَّا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطَيْنِ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُمَا بِهِمَا فَلَوْ نَزَلَ عِنْدَ وُجُودِ أَحَدِهِمَا لَنَزَلَ مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ.
وَهَذَا لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ قَدَّمَ الشَّرْطَيْنِ عَلَى الْجَزَاءِ فِي الذِّكْرِ أَوْ أَخَّرَهُمَا أَوْ وَسَّطَ الْجَزَاءَ بِأَنْ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ وَهَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ وَهَذِهِ الدَّارَ أَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَهَذِهِ الدَّارَ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا عِنْدَ دُخُولِ الدَّارَيْنِ جَمِيعًا أَمَّا إذَا قَدَّمَ الشَّرْطَيْنِ عَلَى الْجَزَاءِ أَوْ أَخَّرَهُمَا عَنْهُ فَلِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الشَّرْطَيْنِ بِحَرْفِ الْجَمْعِ وَالْجَمْعُ بِحَرْفِ الْجَمْعِ كَالْجَمْعِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِلَفْظِ الْجَمْعِ بِأَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا عِنْدَ دُخُولِ الدَّارَيْنِ جَمِيعًا كَذَا هَذَا وَإِنَّمَا اسْتَوَى فِيهِ تَقْدِيمُ الشَّرْطَيْنِ وَتَأْخِيرُهُمَا لِأَنَّ الْجَزَاءَ يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ كَيْفَمَا كَانَ فَكَانَ التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ فِيهِ سَوَاءً وَأَمَّا إذَا وَسَّطَ الْجَزَاءَ فَلِأَنَّ الشَّيْءَ يُعْطَفُ عَلَى جِنْسِهِ لَا عَلَى غَيْرِ جِنْسِهِ فَلَا يَصِحُّ عَطْفُ الشَّرْطِ عَلَى الْجَزَاءِ فَيُجْعَلُ مَعْطُوفًا عَلَى الشَّرْطِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْعَطْفُ بِحَرْفِ الْفَاءِ بِأَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَهَذِهِ الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَهَذِهِ الدَّارَ أَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهَذِهِ الدَّارَ فَهَذَا كُلُّهُ سَوَاءٌ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا عِنْدَ دُخُولِ هَذَيْنِ الدَّارَيْنِ جَمِيعًا كَمَا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّ هُنَاكَ لَا يُرَاعَى التَّرْتِيبُ فِي دُخُولِ الدَّارَيْنِ وَهَهُنَا يُرَاعَى وَهُوَ أَنْ تَدْخُلَ الدَّارَ الثَّانِيَةَ بَعْدَ دُخُولِهَا الْأُولَى وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لِأَنَّ الْوَاوَ وَالْفَاءَ وَإِنْ كَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَرْفَ عَطْفٍ وَجَمْعٍ لَكِنَّ الْوَاوَ لِلْجَمْعِ الْمُطْلَقِ وَالْفَاءَ لِلْجَمْعِ الْمُقَيَّدِ وَهُوَ الْجَمْعُ عَلَى سَبِيلِ التَّعْقِيبِ لِذَلِكَ لَزِمَ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ.
وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْعَطْفُ بِكَلِمَةِ ثُمَّ بِأَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ ثُمَّ هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ ثُمَّ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ هَذِهِ الدَّارَ فَهَذِهِ وَالْفَاءُ سَوَاءٌ فِي أَنَّهُ يُرَاعَى التَّرْتِيبُ فِي الدُّخُولِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إلَّا أَنَّ هَهُنَا لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ دُخُولُ الدَّارِ الثَّانِيَةِ مُتَرَاخِيًا عَنْ دُخُولِ الْأُولَى لِأَنَّ كَلِمَةَ ثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ وَالتَّعْقِيبِ مَعَ التَّرَاخِي هَذَا إذَا كُرِّرَ حَرْفُ الْعَطْفِ بِدُونِ الْفِعْلِ فَإِنْ كُرِّرَ مَعَ الْفِعْلِ فَإِنْ كَانَ بِالْوَاوِ بِأَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ وَدَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ وَدَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَهَذَا وَمَا إذَا كُرِّرَ حَرْفُ الْعَطْفِ بِدُونِ الْفِعْلِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لِلْجَمْعِ الْمُطْلَقِ فَيَقْتَضِي اجْتِمَاعَ الشَّرْطَيْنِ فَيَسْتَوِي فِيهِ إعَادَةُ الْفِعْلِ وَعَدَمُ الْإِعَادَةِ وَإِنْ كَانَتْ بِالْفَاءِ فَقَالَ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَدَخَلَتْ هَذِهِ الدَّارَ الْأُخْرَى فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَدَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ الْأُخْرَى فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْفَاءِ وَبَيْنَ الْوَاوِ فِي هَذِهِ الْأَوْجُهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute