للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْبُخْتِيِّ، وَاسْمُ الْبَقَرِ يَقَعُ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ.

قَالَ النَّبِيُّ «فِي ثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ» وَأَرَادَ بِهِ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ جَمِيعًا.

وَكَذَا اسْمُ الْبَقَرَةِ قَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾ [البقرة: ٦٧] وَقِيلَ إنَّ بَقَرَةَ بَنِي إسْرَائِيلَ كَانَتْ ذَكَرًا وَتَأْنِيثُهَا بِالذِّكْرِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ﴾ [البقرة: ٦٨] لِتَأْنِيثِ اللَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ﴾ [الأحزاب: ١٣]

وَقَالَ : ﴿وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ﴾ [فاطر: ٢٤] وَالشَّاةُ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى قَالَ النَّبِيُّ: : «فِي أَرْبَعِينَ شَاةٌ» وَالْمُرَادُ مِنْهُ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ.

وَكَذَا الْغَنَمُ اسْمُ جِنْسٍ، وَالنَّعْجَةُ اسْمٌ لِلْأُنْثَى، وَالْكَبْشُ لِلذَّكَرِ، وَالْفَرَسُ اسْمٌ لِلْعِرَابِ ذَكَرِهَا وَأُنْثَاهَا، وَالْبِرْذَوْنُ اسْمٌ لِغَيْرِ الْعِرَابِ مِنْ الطَّحَارِيَّةِ ذَكَرِهَا وَأُنْثَاهَا، وَقَالُوا إنَّ الْبِرْذَوْنَ اسْمٌ لِلتُّرْكِيِّ ذَكَرِهِ وَأُنْثَاهُ وَالْخَيْلُ اسْمُ جِنْسٍ يَتَنَاوَلُ الْأَفْرَاسَ الْعِرَابِ وَالْبَرَاذِينَ، وَالْحِمَارُ اسْمٌ لِلذَّكَرِ وَالْحِمَارَةُ وَالْأَتَانُ اسْمٌ لِلْأُنْثَى، وَالْبَغْلُ وَالْبَغْلَةُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْمٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى.

وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رَأْسًا فَإِنْ نَوَى الرُّءُوسَ كُلَّهَا مِنْ السَّمَكِ وَالْغَنَمِ وَغَيْرِهَا فَأَيَّ ذَلِكَ أَكَلَ حَنِثَ لِأَنَّ اسْمَ الرَّأْسِ يَقَعُ عَلَى الْكُلِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهُوَ عَلَى رُءُوسِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ خَاصَّةً فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ الْيَمِينُ الْيَوْمَ عَلَى رُءُوسِ الْغَنَمِ خَاصَّةً، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ قَوْلَهُ لَا آكُلُ رَأْسًا فَبِظَاهِرِهِ يَتَنَاوَلُ كُلَّ رَأْسٍ لَكِنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ الْعُمُومَ غَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّ اسْمَ الرَّأْسِ يَقَعُ عَلَى رَأْسِ الْعُصْفُورِ وَرَأْسِ الْجَرَادِ وَيُعْلَمُ أَنَّ الْحَالِفَ مَا أَرَادَ ذَلِكَ فَكَانَ ذَلِكَ الْمُرَادُ بَعْضَ مَا يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ وَهُوَ الَّذِي يُكْبَسُ فِي التَّنُّورِ وَيُبَاعُ فِي السُّوقِ عَادَةً، فَكَأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَأَى أَهْلَ الْكُوفَةِ يَكْبِسُونَ رُءُوسَ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالْإِبِلِ وَيَبِيعُونَهَا فِي السُّوقِ فَحُمِلَ الْيَمِينُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ رَآهُمْ تَرَكُوا رُءُوسَ الْإِبِلِ وَاقْتَصَرُوا عَلَى رُءُوسِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ فَحَمَلَ الْيَمِينَ عَلَى ذَلِكَ، وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ دَخَلَا بَغْدَادَ وَقَدْ تَرَكَ النَّاسُ الْبَقَرَ وَاقْتَصَرُوا عَلَى الْغَنَمِ فَحَمَلَا الْيَمِينَ عَلَى ذَلِكَ فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ خِلَافٌ فِي الْحَقِيقَةِ.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بَيْضًا فَإِنْ نَوَى بَيْضَ كُلِّ شَيْءٍ بَيْضَ السَّمَكِ وَغَيْرِهِ فَأَيَّ ذَلِكَ أَكَلَ حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهُوَ عَلَى بَيْضِ الطَّيْرِ كُلِّهِ الْإِوَزِّ وَالدَّجَاجِ وَغَيْرِهِمَا وَلَا يَحْنَثُ إذَا أَكَلَ بَيْضَ السَّمَكِ لِأَنَّ اسْمَ الْبَيْضِ يَقَعُ عَلَى الْكُلِّ فَإِذَا نَوَى فَقَدْ نَوَى مَا يَحْتَمِلُهُ الِاسْمُ وَإِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَيَقَعُ عَلَى مَا لَهُ قِشْرٌ وَهُوَ بَيْضُ الطَّيْرِ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَبِيخًا فَالْقِيَاسُ يَنْصَرِفُ إلَى كُلِّ مَا يُطْبَخُ مِنْ اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ طَبِيخٌ حَقِيقَةً إلَّا أَنَّهُ صُرِفَ إلَى اللَّحْمِ خَاصَّةً وَهُوَ اللَّحْمُ الَّذِي يُجْعَلُ فِي الْمَاءِ وَيُطْبَخُ لِيَسْهُلَ أَكْلُهُ لِلْعُرْفِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُقَالُ لِمَنْ أَكَلَ الْبَاقِلَاءَ إنَّهُ أَكَلَ الطَّبِيخَ وَإِنْ كَانَ طَبِيخًا حَقِيقَةً وَإِنْ أَكَلَ سَمَكًا مَطْبُوخًا لَا يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى طَبِيخًا فِي الْعُرْفِ فَإِنْ نَوَى بِقَوْلِهِ لَا يَأْكُلُ طَبِيخًا مِنْ اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى لِأَنَّهُ طَبِيخٌ حَقِيقَةً وَفِيهِ تَشْدِيدٌ عَلَى نَفْسِهِ وَكَذَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شِوَاءً وَهُوَ يَنْوِي كُلَّ شَيْءٍ يُشْوَى فَأَيَّ ذَلِكَ أَكَلَ الْحِنْث وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنَّمَا يَقَعُ عَلَى اللَّحْمِ خَاصَّةً لِأَنَّ حَقِيقَةَ الشِّوَاءِ هِيَ مَا يُشْوَى بِالنَّارِ لِيَسْهُلَ أَكْلُهُ إلَّا أَنَّ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَى اللَّحْمِ الْمَشْوِيِّ دُونَ غَيْرِهِ لِلْعُرْفِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ فُلَانٌ لَمْ يَأْكُلْ الشِّوَاءَ وَإِنْ أَكَلَ الْبَاذِنْجَانَ الْمَشْوِيَّ وَالْجَزَرَ الْمَشْوِيَّ وَيُسَمَّى بَائِعُ اللَّحْمِ الْمَشْوِيِّ شَاوِيًا فَإِنْ أَكَلَ سَمَكًا مَشْوِيًّا لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ بِهِ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَإِنْ أَكَلَ قَلِيَّةً يَابِسَةً أَوْ لَوْنًا مِنْ الْأَلْوَانِ لَا مَرَقَ فِيهِ لَا يَحْنَثْ لِأَنَّ هَذَا لَا يُسَمَّى طَبِيخًا وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ لَحْمٌ مَقْلِيٌّ وَلَا يُقَالُ مَطْبُوخٌ إلَّا لِلَحْمٍ طُبِخَ فِي الْمَاءِ فَإِنْ طَبَخَ مِنْ اللَّحْمِ طَبِيخًا لَهُ مَرَقٌ فَأَكَلَ مِنْ لَحْمِهِ أَوْ مِنْ مَرَقِهِ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ يُقَالُ أَكَلَ الطَّبِيخَ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ لَحْمَهُ لِأَنَّ الْمَرَقَ فِيهِ أَجْزَاءُ اللَّحْمِ.

قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي الْيَمِينِ عَلَى الطَّبِيخِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الشَّحْمِ أَيْضًا لِأَنَّهُ قَدْ يُسَمَّى طَبِيخًا فِي الْعَادَةِ فَإِنْ طَبَخَ عَدَسًا بِوَدِكٍ فَهُوَ طَبِيخٌ وَكَذَلِكَ إنْ طَبَخَهُ بِشَحْمٍ أَوْ أَلْيَةٍ فَإِنْ طَبَخَهُ بِسَمْنٍ أَوْ زَيْتٍ لَمْ يَكُنْ طَبِيخًا وَلَا يَكُونُ الْأَرُزُّ طَبِيخًا وَلَا يَكُونُ الطَّبَاهِجُ طَبِيخًا وَلَا الْجَوَاذِبُ طَبِيخًا وَالِاعْتِمَادُ فِيهِ عَلَى الْعُرْفِ.

وَقَالَ دَاوُد بْنُ رَشِيدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي رَجُلٍ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ طَبِيخِ امْرَأَتِهِ فَسَخَّنَتْ لَهُ قِدْرًا قَدْ طَبَخَهَا غَيْرُهَا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الطَّبِيخَ فَعِيلٌ مِنْ طَبَخَ وَهُوَ الْفِعْلُ الَّذِي يَسْهُلُ بِهِ أَكْلُ اللَّحْمِ وَذَلِكَ وُجِدَ مِنْ الْأَوَّلِ مِنْهَا.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْحُلْوُ فَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ الْحُلْوَ عِنْدَهُمْ كُلُّ حُلْوٍ لَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ حَامِضٌ وَمَا كَانَ مِنْ جِنْسِهِ حَامِضٌ فَلَيْسَ بِحُلْوٍ وَالْمَرْجِعُ فِيهِ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>