بِوَلَدٍ قَبْلَ التَّزْوِيجِ بِزَوْجٍ آخَرَ.
فَأَمَّا إذَا تَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَالْأَمْرُ لَا يَخْلُو مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا إنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ أَوْ مَاتَ وَلِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي وَإِمَّا إنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ أَوْ مَاتَ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مُنْذُ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي وَإِمَّا إنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ أَوْ مَاتَ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مُنْذُ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي وَإِمَّا إنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ أَوْ مَاتَ وَلِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي فَالْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الثَّانِي إذْ الْمَرْأَةُ لَا تَلِدُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَبْقَى فِي بَطْنِ أُمِّهِ إلَى سَنَتَيْنِ وَفِي الْحَمْلِ عَلَيْهِ حُمِلَ أَمْرُهَا عَلَى الصَّلَاحِ وَأَنَّهُ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ.
وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ أَوْ مَاتَ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مُنْذُ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي فَهُوَ لِلثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَوَّلِ إذْ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْعَاقِلَةِ الْمُسْلِمَةِ أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ وَهِيَ مُعْتَدَّةُ الْغَيْرِ فَصَحَّ نِكَاحُ الثَّانِي فَكَانَ مَوْلُودًا عَلَى فِرَاشٍ صَحِيحٍ فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ أَوْ مَاتَ وَلِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي لَمْ يَكُنْ لِلْأَوَّلِ وَلَا الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَبْقَى فِي الْبَطْنِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ وَالْمَرْأَةُ لَا تَلِدُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَهَلْ يَجُوزُ نِكَاحُ الثَّانِي؟ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ جَائِزٌ.
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ مِنْ الْأَوَّلِ وَلَا مِنْ الثَّانِي كَانَ هَذَا الْحَمْلُ مِنْ الزِّنَا فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ الزِّنَا.
وَذَلِكَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ جَازَ نِكَاحُهَا وَلَكِنْ لَا يَقْرَبُهَا حَتَّى تَضَعَ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ مَا لَمْ تَضَعْ حَمْلَهَا هَذَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ وَقْتَ التَّزَوُّجِ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّتِهَا فَإِنْ عُلِمَ ذَلِكَ وَقَعَ النِّكَاحُ الثَّانِي فَاسِدًا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَإِنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ مِنْ الْأَوَّلِ إنْ أَمْكَنَ إثْبَاتُهُ مِنْهُ بِأَنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مُنْذُ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ الثَّانِي فَاسِدٌ وَمَهْمَا أَمْكَنَ إحَالَةُ النَّسَبِ إلَى الْفِرَاشِ الصَّحِيحِ كَانَ أَوْلَى وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إثْبَاتُهُ مِنْهُ وَأَمْكَنَ إثْبَاتُهُ مِنْ الثَّانِي فَالنَّسَبُ يَثْبُتُ مِنْ الثَّانِي بِأَنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ أَوْ مَاتَ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مُنْذُ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا لَكِنْ لَمَّا تَعَذَّرَ إثْبَاتُ النَّسَبِ مِنْ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ فَإِثْبَاتُهُ مِنْ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ أَوْلَى مِنْ الْحَمْلِ عَلَى الزِّنَا، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
وَإِذَا نُعِيَ إلَى الْمَرْأَةِ زَوْجُهَا فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ وَوَلَدَتْ ثُمَّ جَاءَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ فَهِيَ امْرَأَتُهُ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ مَنْكُوحَتَهُ وَلَمْ يَعْتَرِضْ عَلَى النِّكَاحِ شَيْءٌ مِنْ أَسْبَابِ الْفُرْقَةِ فَبَقِيَتْ عَلَى النِّكَاحِ السَّابِقِ وَلَكِنْ لَا يَقْرَبُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا مِنْ الثَّانِي.
وَأَمَّا الْوَلَدُ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هُوَ لِلْأَوَّلِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إنْ كَانَتْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ وَطِئَهَا الثَّانِي فَهُوَ لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَتْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ فَهُوَ لِلثَّانِي، وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ كَانَتْ وَلَدَتْهُ لِسَنَتَيْنِ مِنْ حِينِ وَطِئَهَا الثَّانِي فَهُوَ لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَتْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ فَهُوَ لِلثَّانِي وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ وَلَدَتْهُ لِسَنَتَيْنِ مِنْ حِينِ وَطِئَهَا الثَّانِي أَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى الْفِرَاشِ الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَبْقَى فِي الْبَطْنِ إلَى سَنَتَيْنِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَتْ وَلَدَتْهُ إلَى سَنَتَيْنِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَتْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ لَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهُ عَلَى الْفِرَاشِ الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَبْقَى فِي الْبَطْنِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْفِرَاشِ الْفَاسِدِ ضَرُورَةً.
وَجْهُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا إذَا وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ وَطِئَهَا الثَّانِي تَيَقَّنَّا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَلِدُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى الْفِرَاشِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ وَإِذَا وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ الثَّانِي.
وَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْفِرَاشَ الصَّحِيحَ لِلْأَوَّلِ فَيَكُونُ الْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» وَمُطْلَقُ الْفِرَاشِ يَنْصَرِفُ إلَى الصَّحِيحِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.
وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ بَيَانُ مَا يَثْبُتُ بِهِ نَسَبُ وَلَدِ الْمُعْتَدَّةِ أَيْ يَظْهَرُ بِهِ.
فَجُمْلَةٌ الْكَلَامِ فِيهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا وَلَدَتْ هَذَا الْوَلَدَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ فَقَدْ ثَبَتَ وِلَادَتُهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ مَنْكُوحَةً أَوْ مُعْتَدَّةً وَإِنْ كَذَّبَهَا تَثْبُتُ وِلَادَتُهَا بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ ثِقَةٍ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ حَتَّى لَوْ نَفَاهُ، يُلَاعِنُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَهَادَةِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ ثِقَاتٍ.
(وَجْهُ) قَوْلِهِ أَنَّ هَذَا نَوْعُ شَهَادَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ الْعَدَدِ فِيهِ كَسَائِرِ أَنْوَاعِ الشَّهَادَاتِ فَيُقَامُ كُلُّ اثْنَتَيْنِ مِنْهُنَّ