للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَوْتِ وَإِنْ كَانَا جَمِيعًا فِي الْمَرَضِ فَإِنَّهَا تَرِثُ أَيَّ شَيْءٍ كَانَ الْمُعَلَّقُ بِهِ لِوُجُودِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي وَقْتِهِ وَانْعِدَامِ الرِّضَا مِنْهَا بِبُطْلَانِ حَقِّهَا إلَّا إذَا كَانَ التَّعْلِيقُ بِفِعْلِهَا الَّذِي لَهَا مِنْهُ بُدٌّ فَإِنَّهَا لَا تَرِثُ لِوُجُودِ الرِّضَا مِنْهَا بِالشَّرْطِ؛ لِأَنَّهَا فَعَلَتْ مِنْ اخْتِيَارٍ وَلَوْ أَجَّلَ الْعِنِّينُ وَهُوَ مَرِيضٌ وَمَضَى الْأَجَلُ وَهُوَ مَرِيضٌ وَخُيِّرَتْ الْمَرْأَةُ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَلَا مِيرَاثَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ بِاخْتِيَارِهَا؛ لِأَنَّهَا تَقْدِرُ أَنْ تَصْبِرَ عَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ تَصْبِرْ وَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَقَدْ بَاشَرَتْ سَبَبَ بُطْلَانِ حَقِّهَا بِاخْتِيَارِهَا وَرِضَاهَا فَلَا تَرِثُ.

وَلَوْ آلَى مِنْهَا وَهُوَ مَرِيضٌ وَبَانَتْ بِالْإِيلَاءِ وَهُوَ مَرِيضٌ وَرِثَتْ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ لِوُجُودِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي وَقْتِهِ مَعَ شَرَائِطِهِ وَلَوْ كَانَ صَحِيحًا وَقْتَ الْإِيلَاءِ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ وَهُوَ مَرِيضٌ لَمْ تَرِثْ لِعَدَمِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي وَقْتِهِ؛ لِأَنَّهُ بَاشَرَ الطَّلَاقَ فِي صِحَّتِهِ وَلَمْ يَصْنَعْ فِي الْمَرَضِ شَيْئًا.

وَلَوْ قَذْفَ امْرَأَتَهُ فِي الْمَرَضِ أَوْ لَاعَنَهَا فِي الْمَرَضِ وَرِثَتْ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْفُرْقَةِ وُجِدَ فِي وَقْتِ تَعَلُّقِ حَقِّهَا بِالْإِرْثِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهَا دَلِيلُ الرِّضَا بِبُطْلَانِ حَقِّهَا لِكَوْنِهَا مُضْطَرَّةً إلَى الْمُطَالَبَةِ بِاللِّعَانِ لِدَفْعِ الشَّيْنِ عَنْ نَفْسِهَا وَالزَّوْجُ هُوَ الَّذِي اضْطَرَّهَا بِقَذْفِهِ فَيُضَافَ فِعْلُهَا إلَيْهِ كَأَنَّهُ أَكْرَهَهَا عَلَيْهِ.

وَإِنْ كَانَ الْقَذْفُ فِي الصِّحَّةِ وَاللِّعَانُ فِي الْمَرَضِ وَرِثَتْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا تَرِثُ.

وَجْهُ قَوْلِهِ أَنَّ سَبَبَ الْفُرْقَةِ وُجِدَ مِنْ الزَّوْجِ فِي حَالٍ لَمْ يَتَعَلَّقْ حَقُّهَا بِالْإِرْثِ وَهُوَ حَالُ الصِّحَّةِ، وَالْمَرْأَةُ مُخْتَارَةٌ فِي اللِّعَانِ فَلَا يُضَافُ إلَى الزَّوْجِ.

وَلَهُمَا أَنَّ فِعْلَ الْمَرْأَةِ يُضَافُ إلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا مُضْطَرَّةٌ فِي الْمُطَالَبَةِ بِاللِّعَانِ لِاضْطِرَارِهَا إلَى دَفْعِ الْعَارِ عَنْ نَفْسِهَا وَالزَّوْجُ هُوَ الَّذِي أَلْجَأَهَا إلَى هَذَا فَيُضَافُ فِعْلُهَا إلَيْهِ كَأَنَّهُ أَوْقَعَ الْفُرْقَةَ فِي الْمَرَضِ وَاَللَّهُ ﷿ أَعْلَمُ.

وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا فِي الصِّحَّةِ وَالْآخَرُ فِي الْمَرَضِ فَإِنْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ فَإِنْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ بِأَنْ قَالَ لَهَا إذَا جَاءَ رَأْسُ شَهْرِ كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَجَاءَ وَهُوَ مَرِيضٌ ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَا تَرِثُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ، وَعِنْدَ زُفَرَ تَرِثُ.

وَجْهُ قَوْلِهِ أَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ كَالْمُنْجَزِ عِنْدَ الشَّرْطِ فَيَصِيرُ قَائِلًا عِنْدَ الشَّرْطِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَهُوَ مَرِيضٌ.

(وَلَنَا) أَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَصْنَعْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ شَيْئًا لَا السَّبَبَ وَلَا الشَّرْطَ لِيُرَدَّ عَلَيْهِ فِعْلَهُ فَلَمْ يَصِرْ فَارًّا، وَقَوْلُهُ الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ يُجْعَلُ مُنَجَّزًا عِنْدَ الشَّرْطِ مَمْنُوعٌ بَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالْكَلَامِ السَّابِقِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَدَّرَ بَاقِيًا إلَى وَقْتِ وُجُودِ الشَّرْطِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.

وَكَذَا إنْ كَانَ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ سَوَاءٌ كَانَ مِنْهُ بُدٌّ كَقُدُومِ زَيْدٍ أَوْ لَا بُدَّ مِنْهُ كَالصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَالصَّوْمِ الْمَفْرُوضِ وَنَحْوِهِمَا لِمَا قُلْنَا إنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الزَّوْجِ صُنْعٌ فِي الْمَرَضِ لَا بِمُبَاشَرَةِ السَّبَبِ وَلَا بِمُبَاشَرَةِ الشَّرْطِ، وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِ نَفْسِهِ تَرِثُ سَوَاءٌ كَانَ فِعْلًا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ كَمَا إذَا قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا إذَا قَالَ إنْ صَلَّيْتُ أَنَا الظُّهْرَ فَأَنْتِ طَالِقٌ؛ لِأَنَّهُ بَاشَرَ شَرْطَ بُطْلَانِ حَقِّهَا فَصَارَ مُتَعَدِّيًا عَلَيْهَا مُضِرًّا بِهَا لِمُبَاشَرَةِ الشَّرْطِ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ رَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا؛ لِأَنَّ الْعُذْرَ لَا يُعْتَبَرُ فِي مَوْضِعِ التَّعَدِّي وَالضَّرَرِ، كَمَنْ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ نَائِمًا أَوْ خَاطِئًا أَوْ أَصَابَتْهُ مَخْمَصَةٌ فَأَكَلَ طَعَامَ غَيْرِهِ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ وَلَمْ يُجْعَلْ مَعْذُورًا فِي مُبَاشَرَةِ الْفِعْلِ الَّذِي لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ لِمَا قُلْنَا.

كَذَا هَذَا.

وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِ الْمَرْأَةِ فَإِنْ كَانَ فِعْلًا لَهَا مِنْهُ بُدٌّ كَدُخُولِ الدَّارِ وَكَلَامِ زَيْدٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَا تَرِثُ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِبُطْلَانِ حَقِّهَا حَيْثُ بَاشَرَتْ شَرْطَ الْبُطْلَانِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَإِنْ كَانَ فِعْلًا لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَالصَّوْمِ الْمَفْرُوضِ وَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَكَلَامِ أَبَوَيْهَا وَاقْتِضَاءِ الدُّيُونِ مِنْ غَرِيمِهَا فَإِنَّهَا تَرِثُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا تَرِثُ.

وَكَذَا إذَا عَلَّقَ بِدُخُولِ دَارٍ لَا غِنَى لَهَا عَنْ دُخُولِهَا فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ.

كَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ.

وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الزَّوْجِ مُبَاشَرَةُ بُطْلَانِ حَقِّهَا وَلَا شَرْطُ الْبُطْلَانِ فَلَا يَصِيرُ فَارًّا كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ أَوْ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بِفِعْلِهَا الَّذِي لَهَا مِنْهُ بُدٌّ.

وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ الْمَرْأَةَ فِيمَا فَعَلَتْ مِنْ الشَّرْطِ عَامِلَةٌ لِلزَّوْجِ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ عَمَلِهَا عَائِدَةٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَنَعَهَا عَمَّا لَوْ امْتَنَعَتْ عَنْهُ لَحِقَ الزَّوْجَ مَأْثَمٌ فَإِذَا لَمْ تَمْتَنِعْ وَفَعَلَتْ لَمْ يَلْحَقْهُ مَأْثَمٌ فَكَانَتْ مَنْفَعَةُ فِعْلِهَا عَائِدَةً عَلَيْهِ فَجُعِلَ ذَلِكَ فِعْلًا لَهُ مِنْ وَجْهٍ فَوَجَبَ إبْطَالُ فِعْلِهِ صِيَانَةً لِحَقِّهَا وَمِنْ الْوَجْهِ الَّذِي بَقِيَ مَقْصُورًا عَلَيْهَا لَيْسَ بِدَلِيلٍ لِلرِّضَا؛ لِأَنَّهَا فَعَلَتْهُ مُضْطَرَّةً لِدَفْعِ الْعُقُوبَةِ عَنْ نَفْسِهَا فِي الْآخِرَةِ لَا بِرِضَاهَا.

وَقَالُوا فِيمَنْ فَوَّضَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ إلَى الْأَجْنَبِيِّ فِي الصِّحَّةِ فَطَلَّقَهَا فِي الْمَرَضِ أَنَّ التَّفْوِيضَ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَمْلِكُ

<<  <  ج: ص:  >  >>