حَتَّى عَتَقَتْ وَقَدْ كَانَ وَطِئَهَا قَبْلَ الْوِلَادَةِ فَإِنْ وَطِئَهَا قَبْلَ الْوِلَادَةِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ؛ فَعَلَيْهِ الْعُقْرُ وَإِنْ وَطِئَهَا قَبْلَ الْوِلَادَةِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا لَا عُقْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا إذَا وَلَدَتْ لِأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ وَطِئَهَا عُلِمَ أَنَّهُ وَطِئَهَا وَهِيَ حَامِلٌ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِذَا وَضَعْت لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ الْوَطْءِ؛ عُلِمَ أَنَّ الْعُلُوقَ حَصَلَ قَبْلَ هَذَا الْوَطْءِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعُقْرُ؛ لِأَنَّهُ عُلِمَ أَنَّهُ وَطِئَهَا بَعْدَ ثُبُوتِ الْحُرِّيَّةِ، فَإِذَا وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ يُحْتَمَل أَنَّ الْحَمْلَ حَصَلَ بِذَلِكَ الْوَطْءِ فَلَا يَجِبُ الْعُقْرُ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَمْ يُصَادِفْ الْحُرِّيَّةَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ حَصَلَ بِوَطْءٍ قَبْلَهُ فَيَجِبُ الْعُقْرُ فَيَقَعُ الشَّكُّ فِي وُجُوبِ الْعُقْرِ فَلَا يَجِبُ مَعَ الشَّكِّ وَيَنْبَغِي فِي الْوَرَعِ وَالتَّنَزُّهِ إذَا قَالَ لَهَا هَذِهِ الْمَقَالَةَ ثُمَّ وَطِئَهَا أَنْ يَعْتَزِلَهَا حَتَّى يَعْلَمَ أَحَامِلٌ أَمْ لَا فَإِنْ حَاضَتْ وَطِئَهَا بَعْدَ مَا طَهُرَتْ مِنْ حَيْضِهَا لِجَوَازِ أَنَّهَا قَدْ حَمَلَتْ بِذَلِكَ الْوَطْءِ فَعَتَقَتْ فَإِذَا وَطِئَهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ وَطْءَ الْحُرَّةِ فَيَكُونُ حَرَامًا فَيَعْتَزِلُهَا صِيَانَةً لِنَفْسِهِ عَنْ الْحَرَامِ، فَإِذَا حَاضَتْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْحَمْلَ لَمْ يُوجَدْ إذْ الْحَامِلُ لَا تَحِيضُ وَلِهَذَا تُسْتَبْرَأُ الْجَارِيَةُ الْمُشْتَرَاةُ بِحَيْضَةٍ لِدَلَالَتِهَا عَلَى فَرَاغِ الرَّحِمِ، وَلَوْ بَاعَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ قَبْلَ أَنْ تَلِدَ ثُمَّ وَلَدَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي يُنْظَرُ: إنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ أَوْ لِسَنَتَيْنِ بَعْدَ الْيَمِينِ؛ يَصِحُّ الْبَيْعُ لِجَوَازِ أَنَّ الْوَلَدَ حَدَثَ بَعْدَ الْيَمِينِ فَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِالشَّكِّ وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ بَعْدَ الْيَمِينِ يُنْظَرُ: إنْ كَانَ ذَلِكَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ قَبْلَ الْبَيْعِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ حَدَثَ الْوَلَدُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَعَتَقَتْ هِيَ وَوَلَدُهَا، وَبَيْعُ الْحُرِّ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ فَإِنَّهَا لَا تَعْتِقُ؛ لِأَنَّ مِنْ الْجَائِزِ أَنَّ الْوَلَدَ حَدَثَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَالْبَيْعُ قَدْ صَحَّ فَلَا يُفْسَخُ بِالشَّكِّ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ كَانَ حَمْلُك غُلَامًا فَأَنْتِ حُرَّةٌ وَإِنْ كَانَ جَارِيَةً فَهِيَ حُرَّةٌ فَكَانَ حَمْلُهَا غُلَامًا وَجَارِيَةً لَمْ يَعْتِقْ أَحَدٌ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ اسْمٌ لِجَمِيعِ مَا فِي الرَّحِمِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: ٤] وَالْمُرَادُ مِنْهُ: جَمِيعُ مَا فِي الْبَطْنِ حَتَّى لَا تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ إلَّا بِوَضْعِ جَمِيعِ مَا فِي الرَّحِمِ وَلَيْسَ كُلُّ الْحَمْلِ الْغُلَامَ وَحْدَهُ وَلَا الْجَارِيَةَ وَحْدَهَا بَلْ بَعْضُهُ غُلَامٌ وَبَعْضُهُ جَارِيَةٌ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: إنْ كَانَ كُلُّ حَمْلِك غُلَامًا فَأَنْتِ حُرَّةٌ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ حَمْلِك جَارِيَةً فَهِيَ حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً فَلَا يَعْتِقُ أَحَدُهُمْ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: إنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِك لِأَنَّ هَذَا عِبَارَةٌ عَنْ جَمِيعِ مَا فِي بَطْنِهَا وَلَوْ قَالَ: إنْ كَانَ فِي بَطْنِك عَتَقَ الْغُلَامُ وَالْجَارِيَةُ لِأَنَّ قَوْلَهُ: إنْ كَانَ فِي بَطْنِك غُلَامٌ لَيْسَ عِبَارَةً عَنْ جَمِيعِ مَا فِي الْبَطْنِ بَلْ يَقْتَضِي وُجُودَهُ وَقَدْ وُجِدَ غُلَامٌ وَوُجِدَ أَيْضًا جَارِيَةٌ فَعَتَقَا وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ كُنْت حُبْلَى فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهِيَ حُرَّةٌ وَوَلَدُهَا، وَإِنْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَعْتِقْ لِأَنَّ أَقَلَّ مُدَّةٍ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَإِذَا أَتَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ عُلِمَ أَنَّ الْحَمْلَ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْيَمِينِ فَتَعْتِقُ الْأُمُّ لِوُجُودِ شَرْطِ عِتْقِهَا وَهُوَ كَوْنُهَا حَامِلًا وَقْتَ الْيَمِينِ وَيَعْتِقُ الْحَمْلُ بِعِتْقِهَا تَبَعًا لَهَا، وَإِذَا أَتَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِحَمْلٍ حَادِثٍ بَعْدَ الْيَمِينِ فَلَا يَعْتِقُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِحَمْلٍ مَوْجُودٍ وَقْتَ الْيَمِينِ فَيَعْتِقُ فَوَقَعَ الشَّكُّ فِي الْعِتْقِ فَلَا يَعْتِقُ مَعَ الشَّكِّ وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ التَّدْبِيرُ وَالِاسْتِيلَادُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِشَرْطِ الْمَوْتِ إلَّا أَنَّ التَّدْبِيرَ: تَعْلِيقٌ بِالشَّرْطِ قَوْلًا، وَالِاسْتِيلَادُ: تَعْلِيقٌ بِالشَّرْطِ فِعْلًا لَكِنْ الشَّرْطُ فِيهِمَا يَدْخُلُ عَلَى الْحُكْمِ لَا عَلَى السَّبَبِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كِتَابٌ مُفْرَدٌ.
وَأَمَّا التَّعْلِيقُ الْمَحْضُ بِمَا سِوَى الْمِلْكِ وَسَبَبِهِ مَعْنًى لَا صُورَةً.
فَنَحْوُ أَنْ يَقُولَ لِأَمَتِهِ: كُلُّ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فَهُوَ حُرٌّ، وَهَذَا لَيْسَ بِتَعْلِيقٍ مِنْ حَيْثُ الصُّورَةُ؛ لِانْعِدَامِ حَرْفِ التَّعْلِيقِ وَهُوَ " إنْ " وَإِذَا وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ كُلٍّ لَيْسَتْ كَلِمَةَ تَعْلِيقٍ بَلْ هِيَ كَلِمَةُ الْإِحَاطَةِ بِمَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ تَعْلِيقٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِوُجُودِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الْعِتْقَ عَلَى مَوْصُوفٍ بِصِفَةٍ وَهُوَ الْوَلَدُ الَّذِي تَلِدُهُ فَيَتَوَقَّفُ وُقُوعُ الْعِتْقِ عَلَى اتِّصَافِهِ بِتِلْكَ الصِّفَةِ كَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ الشَّرْطِ الْمُعَلَّقِ بِهِ صَرِيحًا فِي قَوْلِهِ: إنْ وَلَدْت وَلَدًا أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَكَانَ مَعْنَى التَّعْلِيقِ مَوْجُودًا فِيهِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ التَّعْلِيقِ حَتَّى لَوْ قَالَ لِأَمَةٍ لَا يَمْلِكُهَا: كُلُّ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فَهُوَ حُرٌّ لَا يَصِحُّ، حَتَّى لَوْ اشْتَرَاهَا فَوَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا لَا يَعْتِقُ الْوَلَدُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَقْتَ التَّعْلِيقِ وَعَدَمِ الْإِضَافَةِ إلَى الْمِلْكِ وَسَبَبِهِ، وَيَصِحُّ إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ التَّعْلِيقِ وَقِيَامُ الْمِلْكِ فِي الْأَمَةِ يَكْفِي لِصِحَّتِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ إضَافَةُ الْوِلَادَةِ إلَى الْمِلْكِ لِلصِّحَّةِ بِأَنْ يَقُولَ كُلُّ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ وَأَنْتِ فِي مِلْكِي فَهُوَ حُرٌّ لِمَا بَيَّنَّا فِيمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ إنْ وَلَدَتْ فِي مِلْكِهِ يَعْتِقُ الْوَلَدُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ فِي الْمِلْكِ، وَإِنْ وَلَدَتْ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute