للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَعْتِقُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَتَبْطُلُ الْيَمِينُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ.

كَمَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَاعَهُ فَدَخَلَ الدَّارَ يَبْطُلُ الْيَمِينُ حَتَّى لَوْ اشْتَرَاهُ ثَانِيًا فَدَخَلَ الدَّارَ؛ لَا يَعْتِقُ كَذَا هَذَا، وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ لِعَبْدٍ يَمْلِكُهُ أَوْ لَا يَمْلِكُهُ: كُلُّ وَلَدٍ يُولَدُ لَك فَهُوَ حُرٌّ فَوُلِدَ لَهُ وَلَدٌ مِنْ أَمَةٍ فَإِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ مِلْكَ الْحَالِفِ يَوْمَ حَلِفَ عَتَقَ الْوَلَدُ وَإِلَّا فَلَا وَيُنْظَرُ فِي ذَلِكَ إلَى مِلْكِ الْأَمَةِ لَا إلَى مِلْكِ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْوَلَدَ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ يَتْبَعُ الْأُمَّ لَا الْأَبَ، فَإِذَا كَانَتْ الْأَمَةُ عَلَى مِلْكِهِ وَقْتَ التَّكَلُّمِ فَالظَّاهِرُ بَقَاءُ الْمِلْكِ فِيهَا إلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ وَمِلْكُ الْأُمِّ سَبَبُ ثُبُوتِ مِلْكِ الْوَلَدِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: كُلُّ وَلَدٍ يُولَدُ لَك مِنْ أَمَةٍ لِي فَهُوَ حُرٌّ فَإِذَا لَمْ تَكُنِ الْأَمَةُ مَمْلُوكَةً فِي الْحَالِ فَالظَّاهِرُ بَقَاؤُهُ عَلَى الْعَدَمِ لَا يُوجَدُ مِلْكُ الْوَلَدِ وَقْتَ الْوِلَادَةِ ظَاهِرًا فَلَمْ يُوجَدْ التَّعْلِيقُ فِي الْمِلْكِ وَلَا الْإِضَافَةُ إلَى الْمِلْكِ فَلَا يَصِحُّ هَذَا إذَا وُلِدَ الْوَلَدُ مِنْ أَمَةٍ مَمْلُوكَةٍ لِلْحَالِفِ مِنْ نِكَاحٍ فَأَمَّا إذَا وُلِدَ مِنْهَا مِنْ سِفَاحٍ بِأَنْ زَنَى الْغُلَامُ بِهَا فَوَلَدَتْ مِنْهُ هَلْ يَعْتِقُ أَمْ لَا؟ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَهِيَ مِنْ مَسَائِلِ الْجَامِعِ.

وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فَهُوَ حُرٌّ وَإِنْ وَلَدَتْ وَلَدًا فَهُوَ حُرٌّ فَوَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا حَيًّا لَا شَكَّ فِي أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ الْوَلَدُ الْمَيِّتُ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ الْمَيِّتُ وَلَدًا حَقِيقَةً، وَهَلْ يَعْتِقُ الْوَلَدُ الْحَيُّ؟ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَعْتِقُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَا يَعْتِقُ وَحَاصِلُ الْكَلَامِ يَرْجِعُ إلَى كَيْفِيَّةِ الشَّرْطِ أَنَّ الشَّرْطَ وِلَادَةُ وَلَدٍ مُطْلَقٍ أَوْ وِلَادَةُ وَلَدٍ حَيٍّ فَعِنْدَهُمَا: الشَّرْطُ وِلَادَةُ وَلَدٍ مُطْلَقٍ فَإِذَا وَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا فَقَدْ وُجِدَ الشَّرْطُ فَيَنْحَلُّ الْيَمِينُ فَلَا يُتَصَوَّرُ نُزُولُ الْجَزَاءِ بَعْدَ ذَلِكَ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: الشَّرْطُ وِلَادَةُ وَلَدٍ حَيٍّ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الشَّرْطُ بِوِلَادَةِ وَلَدٍ مَيِّتٍ فَيَبْقَى الْيَمِينُ فَيَنْزِلُ الْجَزَاءُ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ وِلَادَةُ وَلَدٍ حَيٍّ، وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ الْحَالِفَ جَعَلَ الشَّرْطَ وِلَادَةَ وَلَدٍ مُطْلَقٍ؛ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ اسْمَ الْوَلَدِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِصِفَةِ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ، وَالْوَلَدُ الْمَيِّتُ وُلِدَ حَقِيقَةً حَتَّى تَصِيرَ الْمَرْأَةُ بِهِ نُفَسَاءَ وَتَنْقَضِيَ بِهِ الْعِدَّةُ وَتَصِيرَ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ الْمُعَلَّقُ عِتْقَ عَبْدٍ آخَرَ أَوْ طَلَاقَ امْرَأَةٍ نَزَلَ عِنْدَ وِلَادَةِ وَلَدٍ مَيِّتٍ وَكَذَا إذَا قَالَ لَهَا: إنْ وَلَدْت وَلَدًا فَهُوَ حُرٌّ وَعَبْدِي فُلَانٌ فَوَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا عَتَقَ عَبْدُهُ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْوِلَادَةُ شَرْطًا لَمَا عَتَقَ فَإِذَا وَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا فَقَدْ وُجِدَ الشَّرْطُ لَكِنْ الْمَحَلُّ غَيْرُ قَابِلٍ لِلْجَزَاءِ فَيَنْحَلُّ الْيَمِينِ لَا إلَى جَزَاءٍ وَتَبْطُلُ كَمَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَاعَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ دَخَلَ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ لَكِنْ لَا إلَى جَزَاءٍ حَتَّى لَوْ اشْتَرَاهُ وَدَخَلَ لَا يَعْتِقُ وَإِنْ أَمْكَنَ تَقْيِيدُ التَّعْلِيقِ بِالْمِلْكِ كَأَنَّهُ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَأَنْتَ فِي مِلْكِي مَعَ ذَلِكَ لَمْ يَتَقَيَّدْ بِهِ كَذَا هَهُنَا وَلِأَبِي حَنِيفَةَ إنَّ الْإِيجَابَ أُضِيفَ إلَى مَحَلٍّ قَابِلٍ لِلْحُرِّيَّةِ؛ إذْ الْعَاقِلُ الَّذِي لَا يَقْصِدُ إيجَابَ الْحُرِّيَّةِ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْحُرِّيَّةَ؛ لِأَنَّهُ سَفَهٌ وَالْقَابِلُ لِلْحُرِّيَّةِ هُوَ الْوَلَدُ الْحَيُّ فَيَتَقَيَّدُ بِهِ كَأَنَّهُ قَالَ: أَوَّلُ وَلَدٍ وَلِدَتَيْهِ حَيًّا فَهُوَ حُرٌّ كَمَا إذَا قَالَ لِآخَرَ: إنْ ضَرَبْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ أَنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِحَالِ الْحَيَاةِ لِلْمَضْرُوبِ حَتَّى لَوْ ضَرَبَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا يَحْنَثُ لِعَدَمِ قَبُولِ الْمَحَلِّ لِلضَّرْبِ كَذَا هَهُنَا، وَلَا فَرْقَ سِوَى أَنَّ هَهُنَا تَقَيَّدَ لِنُزُولِ الْجَزَاءِ وَهُنَاكَ تَقَيَّدَ لِتَحَقُّقِ الشَّرْطِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَ بِالْوِلَادَةِ عِتْقَ عَبْدٍ آخَرَ أَوْ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ الْمَحَلَّ الْمُضَافَ إلَيْهِ الْإِيجَابُ قَابِلٌ لِلْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى التَّقْيِيدِ بِحَيَاةِ الْوَلَدِ كَمَا إذَا قَالَ لَهَا: إنْ وَلَدْت وَلَدًا فَأَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ قَالَ: أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا عَتَقَتْ وَهَهُنَا بِخِلَافِهِ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ: إذَا وَلَدْت وَلَدًا فَهُوَ حُرٌّ وَعَبْدِي فُلَانٌ، أَنَّ وِلَادَةَ الْوَلَدِ الْمَيِّتِ تَصْلُحُ شَرْطًا فِي عِتْقِ عَبْدٍ آخَرَ لِكَوْنِ الْمَحَلِّ قَابِلًا لِلتَّعْلِيقِ وَلَا تَصْلُحُ شَرْطًا فِي عِتْقِ الْوَلَدِ لِعَدَمِ قَبُولِ الْمَحَلِّ.

وَيَجُوزُ أَنْ يُعَلَّقَ بِشَرْطٍ وَاحِدٍ جَزَاءَانِ ثُمَّ يُنْزَلُ عِنْدَ وُجُودِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ لِمَانِعٍ كَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إذَا حِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَفُلَانَةُ مَعَك فَقَالَتْ: حِضْت فَكَذَّبَهَا؛ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا وَلَا يَقَعُ عَلَى الْأُخْرَى وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ وَاحِدًا كَذَا هَذَا.

وَأَمَّا التَّعْلِيقُ بِدُخُولِ الدَّارِ فَإِنَّمَا لَمْ يَتَقَيَّدْ بِالْمِلْكِ؛ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ لِلتَّصْحِيحِ وَالْإِيجَابِ هُنَاكَ صَحِيحٌ بِدُونِ الْمِلْكِ لِقَبُولِ الْمَحَلِّ الْعِتْقَ عِنْد وُجُودِ الشَّرْطِ.

أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الْمَالِكِ، وَالْبَاطِلُ لَا يَقِفُ عَلَى الْإِجَازَةِ وَإِنَّمَا الْمِلْكُ شَرْطُ النَّفَاذِ أَمَّا هَهُنَا فَلَا وَجْهَ لِتَصْحِيحِ الْإِيجَابِ فِي الْمَيِّتِ رَأْسًا لِعَدَمِ احْتِمَالِ الْمَحَلِّ؛ إذْ لَا سَبِيلَ إلَى إعْتَاقِ الْمَيِّتِ بِوَجْهٍ فَدَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَى التَّقْيِيدِ بِصِفَةِ الْحَيَاةِ، وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ: إذَا قَالَ: أَوَّلُ عَبْدٍ يَدْخُلُ فَهُوَ حُرٌّ فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ عَبْدٌ مَيِّتٌ ثُمَّ حَيٌّ عَتَقَ الْحَيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ الْإِيجَابُ وَهُوَ الْعَبْدُ لَا يَحْتَمِلُ الْوُجُوبَ إلَّا بِصِفَةِ الْحَيَاةِ فَصَارَ

<<  <  ج: ص:  >  >>