للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهُ، وَلَا الْفَسْخَ، وَلَا النَّهْيَ عَنْ الْقَبُولِ، وَلَا يَبْطُلُ بِقِيَامِهِ عَنْ الْمَجْلِسِ قَبْلَ قَبُولِ الْعَبْدِ، وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْعَبْدِ حَتَّى لَوْ كَانَ غَائِبًا عَنْ الْمَجْلِسِ يَصِحُّ، وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ وَإِضَافَتُهُ إلَى وَقْتٍ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ، وَإِنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، أَوْ يَقُولَ إنْ دَخَلْت، أَوْ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ غَدًا، أَوْ رَأْسَ شَهْرِ كَذَا وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهِ بِأَنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَمِنْ جَانِبِ الْعَبْدِ مُعَاوَضَةٌ وَهُوَ مُعَاوَضَةُ الْمَالِ بِالْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جَانِبِهِ تَمْلِيكُ الْمَالِ بِالْعِوَضِ، وَهَذَا مَعْنَى مُعَاوَضَةِ الْمَالِ فَيُرَاعَى فِيهِ مِنْ جَانِبِهِ أَحْكَامُ مُعَاوَضَةِ الْمَالِ كَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، حَتَّى لَوْ ابْتَدَأَ الْعَبْدُ فَقَالَ: اشْتَرَيْتُ نَفْسِي مِنْكَ بِكَذَا، فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ، وَيُبْطِلَ بِقِيَامِهِ عَنْ الْمَجْلِسِ قَبْلَ قَبُولِ الْمَوْلَى وَبِقِيَامِ الْمَوْلَى أَيْضًا، وَلَا يَقِفُ عَلَى الْغَائِبِ عَنْ الْمَجْلِسِ، وَلَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ وَالْإِضَافَةِ إلَى الْوَقْتِ، بِأَنْ قَالَ: اشْتَرَيْتُ نَفْسِي مِنْكَ بِكَذَا إذَا جَاءَ غَدٌ، أَوْ قَالَ: عِنْدَ رَأْسِ شَهْرِ كَذَا، وَلَوْ قَالَ: إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَعْتِقْنِي عَلَى كَذَا جَازَ؛ لِأَنَّ هَذَا تَوْكِيلٌ مِنْهُ بِالْإِعْتَاقِ حَتَّى يَمْلِكَ الْعَبْدُ عَزْلَهُ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَبَعْدَهُ، وَقَبْلَ أَنْ يَعْتِقَ، وَلَوْ لَمْ يَعْزِلْهُ حَتَّى أَعْتَقَهُ نَفَذَ إعْتَاقُهُ، وَيَجُوزُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ فِي فَصْلِ الْخُلْعِ وَالطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ، وَلَا يَصِحُّ الْإِعْتَاقُ عَلَى مَالٍ إلَّا فِي الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِمَا سِوَى الْمِلْكِ وَسَبَبِهِ مِنْ الشُّرُوطِ لَا صِحَّةَ لَهُ بِدُونِ الْمِلْكِ، وَكَذَا الْمُعَاوَضَةُ، وَيَعْتِقُ الْعَبْدُ بِنَفْسِ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جَانِبِهِ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِشَرْطِ قَبُولِ الْعِوَضِ، وَقَدْ وُجِدَ الشَّرْطُ فَيَنْزِلُ الْمُعَلَّقُ، كَالتَّعْلِيقِ بِدُخُولِ الدَّارِ وَغَيْرِهِ وَمِنْ جَانِبِ الْعَبْدِ مُعَاوَضَةٌ، وَزَوَالُ الْمِلْكِ عَنْ الْمُعَوِّضِ يَتَعَلَّقُ بِنَفْسِ قَبُولِ الْعِوَضِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ كَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ: إنْ أَدَّيْتَ إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ رَأْسًا، بَلْ هُوَ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ، وَقَدْ عَلَّقَهُ بِشَرْطِ الْأَدَاءِ، فَلَا يَعْتِقُ قَبْلَهُ، وَالْعِتْقُ هَهُنَا تَعَلَّقَ بِالْقَبُولِ، فَإِذَا قَبِلَ عَتَقَ

وَلَوْ قَالَ الْمَوْلَى: أَعْتَقْتُكَ أَمْسِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمْ يَقْبَلْ، وَقَالَ الْعَبْدُ: قَبِلْت، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جَانِبِ الْمَوْلَى تَعْلِيقٌ بِشَرْطِ الْقَبُولِ، وَالْعَبْدُ يَدَّعِي وُجُودَ الشَّرْطِ وَالْمَوْلَى يُنْكِرُ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَوْلَى كَمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَمَضَى الْيَوْمُ وَالْعَبْدُ يَدَّعِي الدُّخُولَ وَأَنْكَرَ الْمَوْلَى كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَوْلَى كَذَا هَهُنَا، وَلَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الْبَيْعِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي، بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُك عَبْدِي أَمْسِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَلَمْ تَقْبَلْ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: بَلْ قَبِلْت، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَكُونُ بَيْعًا إلَّا بَعْدَ قَبُولِ الْمُشْتَرِي، فَإِذَا قَالَ: بِعْتُك فَقَدْ أَقَرَّ بِالْقَبُولِ، فَبِقَوْلِهِ لَمْ تَقْبَلْ، يُرِيدُ الرُّجُوعَ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ، وَإِبْطَالَ ذَلِكَ فَلَمْ يَقْبَلْ، بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ عَلَى مَالٍ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ تَعْلِيقًا لَا يَقِفُ عَلَى وُجُودِ الْقَبُولِ مِنْ الْعَبْدِ، إنَّمَا ذَاكَ شَرْطُ وُقُوعِ الْعِتْقِ، فَكَانَ الِاخْتِلَافُ وَاقِعًا فِي ثُبُوتِ الْعِتْقِ وَعَدَمِهِ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَوْلَى، وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَوْلَى وَالْعَبْدُ فِي مِقْدَارِ الْبَدَلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ الْمَالُ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي الْقَدْرِ الْمُسْتَحَقِّ كَمَا فِي سَائِرِ الدُّيُونِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي أَصْلِ الدَّيْنِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُنْكَرِ، فَكَذَا إذَا وَقَعَ فِي الْقَدْرِ، وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَةً فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ زِيَادَةً، بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ بِالْأَدَاءِ إذَا اخْتَلَفَا فِي مَبْلَغِ الْمَالِ أَنَّ الْقَوْلَ فِيهِ قَوْلُ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ هُنَاكَ وَقَعَ فِي شَرْطِ ثُبُوتِ الْعِتْقِ إذْ هُوَ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ، فَالْعَبْدُ يَدَّعِي الْعِتْقَ عَلَى الْمَوْلَى وَهُوَ يُنْكِرُ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْعَمَلُ بِالْبَيِّنَتَيْنِ مَا أَمْكَنَ إذْ هُوَ عَمَلٌ بِالدَّلِيلَيْنِ، وَهَهُنَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ التَّنَافِي؛ لِأَنَّا نَجْعَلُ كَأَنَّ الْمَوْلَى عَلَّقَ عِتْقَهُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرْطَيْنِ عَلَى حِيَالِهِ، فَأَيُّهُمَا وُجِدَ عَتَقَ، ثُمَّ إذَا قَبِلَ الْعَبْدُ عَتَقَ وَصَارَ الْبَدَلُ الْمَذْكُورُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ إذَا كَانَ مِمَّا يَحْتَمِلُ الثُّبُوتَ فِي الذِّمَّةِ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى مَا تَبَيَّنَ، وَيَسْعَى وَهُوَ حُرٌّ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ، وَذَكَرَ عَلِيٌّ الرَّازِيّ أَصْلًا فَقَالَ: الْمُسْتَسْعَى عَلَى ضَرْبَيْنِ، كُلُّ مَنْ يَسْعَى فِي تَخْلِيصِ رَقَبَتِهِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمُكَاتَبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكُلُّ مَنْ يَسْعَى فِي بَدَلِ رَقَبَتِهِ الَّذِي لَزِمَهُ بِالْعِتْقِ، أَوْ فِي قِيمَةِ رَقَبَتِهِ لِأَجْلِ بَدَلِ شَرْطٍ عَلَيْهِ، أَوْ لِدَيْنٍ ثَبَتَ فِي رَقَبَتِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ فِي أَحْكَامِهِ، مِثْلُ أَنْ يَعْتِقَ الرَّاهِنُ عَبْدَهُ الْمَرْهُونَ وَهُوَ مُعْسِرٌ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ إذَا أُعْتِقَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، وَكَذَلِكَ أَمَةٌ أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَهُ فَقَبِلَتْ، ثُمَّ أَبَتْ، فَإِنَّهَا تَسْعَى فِي قِيمَتِهَا وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْحُرَّةِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرُّ رَقَبَتِكَ، فَقَبِلَ ذَلِكَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ السِّعَايَةَ فِي هَذِهِ الْفُصُولِ لَزِمَتْ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحُرِّيَّةِ وَفِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ قَبْلَ ثُبُوتِهَا، وَإِنَّمَا يَسْعَى لِيَتَوَسَّلَ بِالسِّعَايَةِ إلَى الْحُرِّيَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَلَى هَذَا لَوْ أَبْرَأَ الْمَوْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>