للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَلْفِ بِأَنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: قَبِلْت بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، أَوْ قَالَ: قَبِلْت وَلَمْ يَقُلْ بِأَلْفٍ، أَوْ قَالَا: مَا قَبِلْنَا بِأَلْفٍ، أَوْ قَالَا: قَبِلْنَا وَلَمْ يَذْكُرَا الْأَلْفَ عَتَقَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ لِوُجُودِ شَرْطِ الْعِتْقِ وَهُوَ قَبُولُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْأَلْفَ، وَيُقَالُ لِلْمَوْلَى اخْتَرْ الْعِتْقَ فِي أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَجْمَلَ الْعِتْقَ فَكَانَ الْبَيَانُ إلَيْهِ، فَأَيُّهُمَا اخْتَارَ عَتَقَ وَلَزِمَتْهُ الْأَلْفُ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ يَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ بِخَمْسِمِائَةٍ وَيَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ وَقَدْ شَاعَ عِتْقُ رَقَبَةٍ فِيهِمَا فَيُقْسَمُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ.

وَلَوْ قَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَبِلَا، ثُمَّ قَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، أَوْ قَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِغَيْرِ شَيْءٍ، فَاللَّفْظُ الثَّانِي لَغْوٌ؛ لِأَنَّهُمَا لَمَّا قَبِلَا الْعِتْقَ بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلِ، فَقَدْ نَزَلَ الْعِتْقُ فِي أَحَدِهِمَا لِوُجُودِ شَرْطِ النُّزُولِ وَهُوَ قَبُولُهُمَا، فَالْإِيجَابُ الثَّانِي يَقَعُ جَمْعًا بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ، فَلَا يَصِحُّ، وَلَوْ لَمْ يَقْبَلَا، ثُمَّ قَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِغَيْرِ شَيْءٍ عَتَقَ أَحَدُهُمَا بِاللَّفْظِ الثَّانِي بِغَيْرِ شَيْءٍ؛ لِأَنَّهُمَا لَمَّا لَمْ يَقْبَلَا لَمْ يَنْزِلْ الْعِتْقُ بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلِ، فَصَحَّ الْإِيجَابُ الثَّانِي وَهُوَ تَنْجِيزُ الْعِتْقِ عَلَى أَحَدِهِمَا غَيْرِ عَيْنٍ، فَيُقَالُ لِلْمَوْلَى: اصْرِفْ اللَّفْظَ الثَّانِيَ إلَى أَحَدِهِمَا، فَإِذَا صَرَفَهُ إلَى أَحَدِهِمَا عَتَقَ ذَلِكَ بِغَيْرِ شَيْءٍ؛ لِأَنَّ التَّنْجِيزَ حَصَلَ بِغَيْرِ بَدَلٍ.

وَأَمَّا الْآخَرُ فَإِنْ قَبِلَ الْبَدَلَ فِي الْمَجْلِسِ يَعْتِقُ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ الْأَوَّلَ وَقَعَ صَحِيحًا لِحُصُولِهِ بَيْنَ عَبْدَيْنِ، وَتَعَلَّقَ الْعِتْقُ بِشَرْطِ الْقَبُولِ، وَقَدْ وُجِدَ فِيهِ ضَرْبُ إشْكَالٍ، وَهُوَ أَنَّ شَرْطَ وُجُوبِ الْحُرِّيَّةِ لِأَحَدِهِمَا هُوَ قَبُولُهُمَا، وَلَمْ يُوجَدْ هَهُنَا إلَّا قَبُولُ أَحَدِهِمَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَعْتِقَ الْعَبْدُ الْآخَرُ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِيجَابَ أُضِيفَ إلَى أَحَدِهِمَا.

أَلَا يُرَى أَنَّهُ قَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ وَقَدْ وُجِدَ الْقَبُولُ مِنْ أَحَدِهِمَا هَهُنَا، إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ يُنْجِزْ عِتْقَ أَحَدِهِمَا يَتَوَقَّفُ عِتْقُ أَحَدِهِمَا عَلَى قَبُولِهِمَا جَمِيعًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْآخَرَ، فَإِذَا عَيَّنَهُ فِي التَّخْيِيرِ عُلِمَ أَنَّهُ مَا أَرَادَهُ بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ مِنْ الْمُعْتَقِ لَا يُتَصَوَّرُ فَتَعَيَّنَ الْآخَرُ لِلْقَبُولِ، وَقَدْ قَبِلَ فَيَعْتِقُ، وَلَوْ قَبِلَا جَمِيعًا قَبْلَ الْبَيَانِ عَتَقَا؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَمْ يَنْزِلْ بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِشَرْطِ الْقَبُولِ، فَلَا يَنْزِلُ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ فَيَصِحُّ الْإِيجَابُ الثَّانِي، فَإِذَا قَبِلَا جَمِيعًا، فَقَدْ تَيَقَّنَا بِعِتْقِهِمَا؛ لِأَنَّ أَيَّهُمَا أُرِيدَ بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلِ عَتَقَ بِالْقَبُولِ، وَأَيَّهُمَا أُرِيدَ بِالْإِيجَابِ الثَّانِي عَتَقَ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ؛ لِأَنَّهُ إيجَابٌ بِغَيْرِ بَدَلٍ، فَكَانَ عِتْقُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَيَقَّنًا بِهِ لَكِنَّ عِتْقَ أَحَدِهِمَا بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلِ وَعِتْقَ الْآخَرِ بِالْإِيجَابِ الثَّانِي فَيُعْتَقَانِ، وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِمَا بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا وَإِنْ عَتَقَ بِالْإِيجَابِ بِبَدَلٍ إلَّا أَنَّهُ مَجْهُولٌ، وَالْقَضَاءُ بِإِيجَابِ الْمَالِ عَلَى الْمَجْهُولِ مُتَعَذَّرٌ كَرَجُلَيْنِ قَالَا لِرَجُلٍ: لَكَ عَلَى أَحَدِنَا أَلْفُ دِرْهَمٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمَا بِهَذَا الْإِقْرَارِ شَيْءٌ لِكَوْنِ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ مَجْهُولًا كَذَا هَذَا، وَلَوْ لَمْ يَقْبَلَا جَمِيعًا وَلَكِنْ قَبِلَ أَحَدُهُمَا لَا يَعْتِقُ إلَّا أَحَدُهُمَا لِوُجُودِ شَرْطِ عِتْقِ أَحَدِهِمَا، وَهُوَ قَبُولُ أَحَدِهِمَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِمَا بَيَّنَّا مِنْ الْفِقْهِ، ثُمَّ إنْ صَرَفَ الْمَوْلَى اللَّفْظَ الثَّانِيَ إلَى غَيْرِ الْقَابِلِ عَتَقَ غَيْرُ الْقَابِلِ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَعَتَقَ الْقَابِلُ بِأَلْفٍ، وَإِنْ صَرَفَ اللَّفْظَ الثَّانِيَ إلَى الْقَابِلِ عَتَقَ الْقَابِلُ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَعَتَقَ غَيْرُ الْقَابِلِ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ بِأَلْفٍ إنْ قَبِلَ فِي الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ الْقَابِلَ مِنْهُمَا يَعْتِقُ بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلِ، وَإِنَّهُ إيجَابٌ بِبَدَلٍ فَيَعْتِقُ بِبَدَلٍ، وَغَيْرُ الْقَابِلِ يَعْتِقُ بِالْإِيجَابِ الثَّانِي، وَإِنَّهُ إيجَابٌ بِغَيْرِ بَدَلٍ فَيَعْتِقُ بِغَيْرِ بَدَلٍ.

وَلَوْ قَالَ لِعَبْدَيْهِ أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِغَيْرِ شَيْءٍ، ثُمَّ قَالَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَالْكَلَامُ الثَّانِي لَغْوٌ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا عَتَقَ بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلِ لِوُجُودِ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ فِي أَحَدِهِمَا، فَالثَّانِي يَقَعُ جَمْعًا بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ فَيَبْطُلُ.

وَلَوْ قَالَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَبْلَ أَنْ يَقْبَلَا قَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَإِنْ قَبِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْعِتْقَ بِأَحَدِ الْمَالَيْنِ بِأَنْ قَبِلَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبِلَ الْآخَرُ بِمِائَةِ دِينَارٍ، أَوْ قَبِلَ أَحَدُهُمَا بِالْمَالَيْنِ وَلَمْ يَقْبَلْ الْآخَرُ، أَوْ قَبِلَ أَحَدُهُمَا بِالْمَالَيْنِ وَقَبِلَ الْآخَرُ بِمَالٍ وَاحِدٍ لَا يُعْتَقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ لِلْمَوْلَى أَنْ يَجْمَعَ الْمَالَيْنِ عَلَى أَحَدِهِمَا فَيَقُولَ: عَنَيْتُك بِالْمَالَيْنِ، أَوْ يَقُولَ: عَنَيْت غَيْرَك، فَلَا يَثْبُتُ الْعِتْقُ مَعَ الشَّكِّ، فَإِنْ قَبِلَا جَمِيعًا بِالْمَالَيْنِ، بِأَنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: قَبِلْت بِالْمَالَيْنِ، أَوْ قَالَا جَمِيعًا: قَدْ قَبِلْنَا يُخَيَّرُ الْمَوْلَى فَيُقَالُ لَهُ: إمَّا أَنْ تَصْرِفَ اللَّفْظَيْنِ إلَى أَحَدِهِمَا فَتَجْمَعَ الْمَالَيْنِ عَلَيْهِ فَيَعْتِقُ بِالْمَالَيْنِ وَيَبْقَى الْآخَرُ رَقِيقًا، وَإِمَّا أَنْ تَصْرِفَ أَحَدَ اللَّفْظَيْنِ إلَى أَحَدِهِمَا وَالْآخَرَ إلَى صَاحِبِهِ، فَيَعْتِقُ أَحَدُهُمَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَالْآخَرُ بِمِائَةِ دِينَارٍ؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَيْنِ وَقَعَا صَحِيحَيْنِ أَمَّا الْأَوَّلُ، فَلَا شَكَّ فِيهِ، وَلِأَنَّهُ أُضِيفَ إلَى أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ، وَكَذَا الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ الْأَوَّلَ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ الْقَبُولُ وَالْعِتْقُ مُعَلَّقٌ بِالْقَبُولِ، فَالْإِيجَابُ الثَّانِي حَصَلَ مُضَافًا إلَى أَحَدِ عَبْدَيْنِ فَيَصِحُّ، وَمَتَى صَحَّ الْإِيجَابُ الثَّانِي فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَنَى بِهِ مَنْ عَنَاهُ بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَنَى بِهِ الْعَبْدَ الْآخَرَ؛ لِذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>