خُيِّرَ الْمَوْلَى فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ بِنِصْفِ الْمَالَيْنِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا حُرٌّ بِيَقِينٍ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْإِيجَابِ الثَّانِي غَيْرَ مَنْ أَرَادَهُ بِالْأَوَّلِ، فَكَانَ الثَّابِتُ بِالْكَلَامَيْنِ عِتْقَيْنِ بِكُلِّ كَلَامٍ عِتْقٌ، وَإِنْ أَرَادَ بِالثَّانِي عَيْنَ مَنْ أَرَادَهُ بِالْأَوَّلِ كَانَ الثَّابِتُ بِالْكَلَامَيْنِ عِتْقَ وَاحِدٍ، فَإِذَا عَتَقَ وَاحِدٌ ثَابِتٌ بِيَقِينٍ، وَالْعِتْقُ الْآخَرُ يَثْبُتُ فِي حَالٍ وَلَا يَثْبُتُ فِي حَالٍ فَيُنَصَّفُ فَثَبَتَ عِتْقٌ وَنِصْفُ عِتْقٍ بِالْمَالَيْنِ وَلَيْسَ، أَحَدُهُمَا بِكَمَالِ الْعِتْقِ بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَيَنْقَسِمُ عِتْقٌ وَنِصْفُ عِتْقٍ بَيْنَهُمَا، فَيُصِيبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْعِتْقِ بِنِصْفِ الْمَالَيْنِ وَيَسْعَى فِي رُبُعِ قِيمَتِهِ.
وَلَوْ قَالَ لِعَبْدٍ لَهُ بِعَيْنِهِ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَبْلَ أَنْ يَقْبَلَ جَمَعَ بَيْنَ عَبْدٍ لَهُ آخَرَ وَبَيْنَهُ، فَقَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَقَالَا: قَبِلْنَا، يُخَيَّرُ الْمَوْلَى فَإِنْ شَاءَ صَرَفَ اللَّفْظَيْنِ إلَى الْمُعَيَّنِ وَعَتَقَ بِالْمَالَيْنِ جَمِيعًا، وَإِنْ شَاءَ صَرَفَ أَحَدَ اللَّفْظَيْنِ إلَى أَحَدِهِمَا وَالْآخَرَ إلَى الْآخَرِ، وَعَتَقَ الْمُعَيَّنُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَغَيْرُ الْمُعَيَّنِ بِمِائَةِ دِينَارٍ؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَيْنِ صَحِيحَانِ لِمَا قُلْنَا، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالثَّانِي الْمُعَيَّنَ أَيْضًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ، فَيُقَالُ لَهُ: بَيِّنِ، فَأَيُّهُمَا بَيَّنَ فَالْحُكْمُ لِلْبَيَانِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ عَتَقَ الْمُعَيَّنُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ تَحْتَ الْإِيجَابَيْنِ جَمِيعًا، أَمَّا الْإِيجَابُ الْأَوَّلُ: فَلَا شَكَّ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ خَصَّهُ بِهِ فَلَا يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ.
وَأَمَّا الْإِيجَابُ الثَّانِي فَلِأَنَّ قَوْلَهُ: أَحَدُكُمَا يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِذَا قَبِلَ الْإِيجَابَيْنِ وُجِدَ شَرْطُ عِتْقِهِ فَيَعْتِقُ فَيَلْزَمُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَخَمْسُونَ دِينَارًا، أَمَّا الْأَلْفُ؛ فَلِأَنَّهُ لَا مُشَارَكَةَ لِلثَّانِي فِيهِمَا.
وَأَمَّا نِصْفُ الْمِائَةِ الدِّينَارِ؛ فَلِأَنَّهُ فِي حَالٍ يَلْزَمُهُ مِائَةُ دِينَارٍ وَهِيَ مَا عَنَاهُ بِاللَّفْظَيْنِ، وَفِي حَالٍ لَا يَلْزَمُهُ مِنْهَا شَيْءٌ، وَهِيَ مَا إذَا عَنَى بِاللَّفْظِ الثَّانِي غَيْرَهُ فَيَتَنَصَّفُ ذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ خَمْسُونَ دِينَارًا.
وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ نِصْفُهُ بِنِصْفِ الْمِائَةِ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَقُ فِي حَالٍ وَلَا يُعْتَقُ فِي حَالٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَنَاهُ بِالْإِيجَابِ الثَّانِي يُعْتَقُ كُلُّهُ بِكُلِّ الْمِائَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْنِهِ لَا يَعْتِقُ شَيْءٌ مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، فَيَعْتِقُ فِي حَالٍ وَلَمْ يَعْتِقْ فِي حَالٍ فَتُعَبِّرُ الْأَحْوَالُ، وَيَعْتِقُ نِصْفُهُ بِنِصْفِ الْمِائَةِ وَهُوَ خَمْسُونَ، هَذَا إذَا عُرِفَ الْمُعَيَّنُ مِنْ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ وَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَا الْمُعَيَّنُ يَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ بِنِصْفِ الْمَالَيْنِ، وَهُوَ نِصْفُ الْأَلْفِ وَنِصْفُ الْمِائَةِ الدِّينَارِ؛ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي ذَلِكَ، وَالثَّابِتُ عِتْقٌ وَنِصْفُ عِتْقٍ فَيُصِيبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْعِتْقِ وَيَسْعَى فِي رُبُعِ قِيمَتِهِ.
وَلَوْ قَالَ لِعَبْدَيْهِ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَالْآخَرُ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ، فَإِنْ قَالَا جَمِيعًا: قَبِلْنَا، أَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: قَبِلْتُ بِالْمَالَيْنِ، أَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: قَبِلْتُ بِأَكْثَرِ الْمَالَيْنِ عَتَقَا جَمِيعًا، فَيَلْزَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسُمِائَةٍ، أَمَّا عِتْقُهُمَا فَلِأَنَّ الْإِيجَابَيْنِ خَرَجَا عَلَى الصِّحَّةِ بِخُرُوجِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيْنَ عَبْدَيْنِ، وَالْمُرَادُ بِالْإِيجَابِ الثَّانِي هَهُنَا غَيْرُ الْمُرَادِ بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلِ، فَإِذَا قَبِلَا، فَقَدْ وُجِدَ شَرْطٌ بِزَوَالِ الْعِتْقِ فِيهِمَا جَمِيعًا، وَانْقَطَعَ خِيَارُ الْمَوْلَى هَهُنَا فَيُعْتَقَانِ جَمِيعًا، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسُمِائَةٍ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا عَتَقَ بِأَلْفٍ وَالْآخَرَ بِخَمْسِمِائَةٍ لَكِنَّا لَا نَدْرِي الَّذِي عَلَيْهِ الْأَلْفُ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ خَمْسُمِائَةٍ، إلَّا أَنَّا تَيَقَّنَّا بِوُجُوبِ خَمْسِمِائَةٍ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، وَفِي الْفَصْلِ الثَّانِي شَكٌّ فَيَجِبُ الْمُتَيَقَّنُ وَلَا يَجِبُ الْمَشْكُوكُ فِيهِ، كَاثْنَيْنِ قَالَا لِرَجُلٍ: لَك عَلَى أَحَدِنَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَعَلَى الْآخَرِ خَمْسُمِائَةٍ، لَا يُطَالِبُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا بِخَمْسِمِائَةٍ لِمَا قُلْنَا فَكَذَا هَذَا، وَلَوْ قَبِلَ أَحَدُهُمَا بِأَقَلِّ الْمَالَيْنِ وَالْآخَرُ بِأَكْثَرِ الْمَالَيْنِ عَتَقَ الَّذِي قَبِلَ الْعِتْقَ بِأَكْثَرِ الْمَالَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا إنْ عَنَاهُ الْمَوْلَى بِالْإِيجَابِ بِالْأَقَلِّ، أَوْ بِالْإِيجَابِ بِالْأَكْثَرِ فَتَيَقَّنَّا بِعِتْقِهِ، ثُمَّ فِي الْأَكْثَرِ قَدْرُ الْأَقَلِّ وَزِيَادَةٌ فَيَلْزَمُهُ خَمْسُمِائَةٍ كَأَنَّهُ قَالَ: قَبِلْتُ بِالْمَالَيْنِ فَيَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ وَيَصِيرُ بَعْدَ الْعِتْقِ كَأَنَّهُ قَالَ لَكَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ خَمْسُمِائَةٍ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لَزِمَهُ الْأَقَلُّ كَذَا هَهُنَا، وَلَوْ قَبِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَقَلِّ الْمَالَيْنِ لَا يُعْتَقَانِ؛ لِأَنَّ حُجَّةَ الْمَوْلَى لَمْ تَنْقَطِعْ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ: لَمْ أَعْتِقْكَ بِهَذَا الْمَالِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَبِلَ أَحَدُهُمَا بِأَكْثَرِ الْمَالَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَقَلَّ دَاخِلٌ فِي الْأَكْثَرِ.
وَلَوْ قَالَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفَيْنِ فَإِنْ قَبِلَا بِأَنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: قَبِلْت بِالْمَالَيْنِ، أَوْ قَالَا: قَبِلْنَا عَتَقَا لِوُجُودِ شَرْطِ عِتْقِهِمَا وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا بِأَلْفٍ وَالْآخَرَ بِأَلْفَيْنِ فَتَيَقَّنَّا بِوُجُوبِ الْأَلْفِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، كَرَجُلَيْنِ قَالَا لِرَجُلٍ: لَك عَلَى أَحَدِنَا أَلْفٌ وَعَلَى الْآخَرِ أَلْفَانِ يَلْزَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ لِكَوْنِ الْأَلْفِ تَيَقَّنَّا بِهَا كَذَا هَذَا، وَإِنْ قَبِلَ أَحَدُهُمَا الْمَالَيْنِ جَمِيعًا بِأَنْ قَالَ: قَبِلْت بِالْمَالَيْنِ، أَوْ قَالَ: قَبِلْت، أَوْ قَبِلَ بِأَكْثَرِ الْمَالَيْنِ بِأَنْ قَالَ: قَبِلْت بِالْمَالَيْنِ، أَوْ قَالَ: قَبِلْت بِأَلْفَيْنِ يَعْتِقُ لِوُجُودِ شَرْطِ الْعِتْقِ وَهُوَ الْقَبُولُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute