للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عظيمة عند القوم، ومقطع لهم، فإِن السّكون إِلى الأَحوال والوقوفَ عندها استلذَاذًا ومحبّة حجابٌ بينهم وبين ربهم، وهى عقبى لا يقطعها إِلاَّ أولو العَزائم. ومن كلامه: إِيّاكم واستحلاء الطَّاعات فإِنها سُمُوم قاتلة. فهذا معنى قوله: استعمِلْ الرّضا ولا تَدَع الرّضا يستعملك، أَى لا يكون عملك لأَجل حصول حلاوة الرّضا، بحيث تكون هى الباعثة لك عليه، بل اجعله آلةً لك وسببًا موصّلا إِلى مقصودك ومطلوبك، وهذا لا يختصّ بالرّضا، بل هو عامّ فى جميع الأَحوال والمقامات القلبيّة الَّتى يسكن إِليها القلب.

وسئل أَبو عثمان عن قول النَّبى صلَّى الله عليه وسلَّم: "أَسأَلُك الرِّضا بعد القضاءِ": فقال: لأَن الرضاء قبل القضاء عزم على الرّضا، والرّضا بعد القضاءِ هو الرضا. وقيل: الرضا: ارتفاع الجَزَع فى أَىِّ حكم كان. وقيل: رفع / الاختيار. وقيل: استقبال الأَحكام بالفرح. وقيل: سكون القلب تحت مجارى الأَحكام. وقيل: نظر العبد إِلى قَدَم اختيار الله تعالى للعبد.

وقيل للحسين بن على رضى الله عنهما: إِن أَبا ذرٍّ يقول: الفقر أَحبُّ إِلىّ من الغنى، والسّقم أَحبُّ إِلىَّ من الصحّة. فقال: رحم الله أَبا ذرٍّ، أَمَّا أَنا فأَقول: من اتَّكل على حسن اختيار الله له لم يُحِبَّ غير ما اختَارَهُ الله له.

<<  <  ج: ص:  >  >>