للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كقوله تعالى: {فاعلم أَنَّهُ لاَ إلاه إِلاَّ الله} ، وقوله: {واعلموا أَنَّ الله شَدِيدُ العقاب} ، {فاعلموا أَنَّمَآ أُنزِلِ بِعِلْمِ الله} . فالمعرفة: تصوّر صورة الشىءِ ومثالِه العلمىّ فى النَّفس، والعلم: حضور أَحواله وصفاته ونسبتها إِليه. فالمعرفة: نسبة التصوّر، والعلم: نسبة التصديق.

الثانى: أَنَّ المعرفة فى الغالب تكون لِمَا غاب عن القلب بعد إِدراكِه، فإِذا أَدركه قيل: عرفه، أَو تكون لِمَا وُصف له بصفات قامت فى نفسه فإِذا رآه وعلم أَنَّه الموصوف بها قيل: عرفه، قال تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يلبثوا إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النهار يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ} ، وقال: {وَجَآءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ} ، وفى الحديث: "إِنَّ الله سبحانه يقول لآخر أَهل الجنّة دخولا: أَتعرف الزمان الذى كنت فيه فيقول: نعم. فيقول: تمنَّ. فيتمنَّى على ربّه". وقال تعالى: {وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الذين كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ} . فالمعرفة نسبة الذِكر النفسىّ وهو حضور ما كان غائباً عن الذاكر، ولهذا كان ضدّها الإِنكار وضدّ العلم الجهل، قال تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ الله ثُمَّ يُنكِرُونَهَا} ويقال: عرف الحقَّ فأَقرّ به، وعرفه فأنكره.

الوجه الثالث: أَنَّ المعرفة تفيد تمييز المعروف عن غيره، والعلم يفيد تمييز ما يوصف به عن غيره. وهذا الفرق غير الأَوّل، فإِنَّ ذلك يرجع إِلى

<<  <  ج: ص:  >  >>