"طُوبى للغرباءِ. قيل: ومن الغرباءُ؟ قال: ناس صالحون قليلٌ فى ناس سَوْءٍ كثير، مَن يبغضهم أَكثر ممّن يطيعهم". وعند عبد الله بن عمرو أَنه قال:"إِن أَحبَّ شىءٍ إِلى الله الغُرَباءُ. قيل: ومَنِ الغرباءُ؟ قال: الفَارُّونَ بدينهم يجتمعون إِلى عيسى بن مريم يوم القيامة". وفى حديث آخر:"بدأَ الإِسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأَ فطوبى للغرباءِ. قيل ومَن الغُرَباءُ يا رسول الله؟ قال: الذين يُحبُون سنَّتى ويعلِّمُونَهَا النَّاسَ".
فهؤلاءِ هم الغرباءُ الممدوحون المغبوطون. ولقلّتهم فى الناس جدّا سُمّوا غرباءَ. فإِنّ أَكثر النّاس على غير هذه الصّفات. فأَهل الإِسلام فى الناس غرباء، وأَهْلُ العِلْم فى أَهل الإِسلام غرباء، وأَهل السنّة الذين تميّزوا بها من الأَهواء والبدع فيهم غرباءُ، والداعون الصّابرون على أذى المخالِفين لهم هؤلاءِ أَشدّ غربة، ولكن هؤلاءِ هم أَهل الله فلا غربة عليهم، وإِنما غربتهم بين الأَكثرين الذين قال الله فيهم:{وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأرض يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ الله} فأُولئك هم الغرباءُ من الله ورسوله ودينه، وغربتهم هى الغُرْبة الموحِشة.