الظل، فهو يتبعها فى حركتها، يزيد وينقص، ويمتد ويَقْلُص، فهو تابع لها تبعيَّة المدلول / لدليله.
وفيه وجه آخر، وهو أَن يكون المراد قَبْضه عند قيام السَّاعة بقبض أَسبابه، وهى الأَجرام الَّتى تُلقى الظِّلال، فيكون قد ذكر إِعدامه بإِعدام أَسبابه؛ كما ذكر إِنشاءَه بإِنشاءِ أَسبابه. وقوله:{قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً} كأَنه يُشْعِر بذلك. وقوله:{قَبْضاً يَسِيراً} يشبه قوله: {ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ} ، وقوله بصيغة الماضى لا ينافى ذلك كقوله:{أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ} .
والوجه فى الآية هو الأَوَّل. وهذان الوجهان إِن أَراد من ذكرهما دلالة الآية عليهما إِشارة وإِيماءً فقريب، وإِن أَراد أَن ذلك هو المراد من لفظها فبعيد؛ لأَنَّه سبحانه جعل ذلك آية ودلالة عليه للناظر فيه كما فى سائر آياته التى تدعو عباده إِلى النَّظر فيها، فلا بدّ أَن يكون ذلك أَمرًا مشهودًا تقوم به الدِّلالة، ويحصل به المقصود.
قال المحقِّقون من السَّالِكين: القبض نوعان: قبض فى الأَحوال، وقبض فى الحقائق. فالقبض فى الأَحوال: أَمْر يطرق القلب ويمنعه عن الانبساط والفرح، وهو نوعان أَيضاً: أَحدهما: ما يعرف سببه كتذكر ذنب، أَو تفريط، أَو بعد، أَو جَفوة، أَو حدوث ذلك. والثانى: ما لا يُعرف سببهُ بل يَهْجُم على القلب هجوما لا يقدر على التخلُّص منه، وهذا هو القبض المشار إِليه بأَلسِنَة القوم، وضدُّ البسط.