بالنسبة إِلى المسّ لم يحصل، ولا يلزم من ذلك انتفاء أَصل الانتقاض، فإِنما يلزم مطلقاً الامتناع فى لو الشرطية لو قلنا: إِن مقتضاه الامتناع مطلقا، ونحن لم نقل ذلك، وإِنما قلنا: يقتضى امتناعاً منكَّرًا لامتناع منكَّر، فالمنفىّ خاصّ لا عامّ.
إِذا عرفت هذا فنقول: قد يؤتى بلَوْ مسلَّطة على ما يحسب العقل كونه إِذا وُجد مقتضِياً لوجود شىء آخر، مرادًا بها أَن ذلك لا يلزم تحقيقا لاستحالة وجود ذلك الشىء الآخر الذى ظُنَّ أَنه يوجد عند وجود ما يحسبُه العقل مقتضِيا؛ كما تقول لعابد الشمس: لو عبدتها أَلف سنة ما أَغنت عنك من الله شيئاً، فإِن مرادك أَن عبادتها لا تغنى. وفى الحقيقة الازدياد من عبادتها ازدياد من عدم الإِغناء، ولكن لمَّا كان الكلام خطابا لمن يعتقدها مغنِية حسن إِخراجه فى هذا القالَب. وكذلك تقول للسائل إِذا أَحكمت أَمر منعه: لو تضرعت إِلىّ بألف شفيع ما قضيتُ لك سُؤلا. ولذلك إِذا [كان] بصيغة إِن الشرطيّة لم يكن له مفهوم عند المعترفين بمفهوم الشرط؛ كما فى قوله تعالى:{إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ الله لَهُمْ} ، لأَن المراد قطع الإِياس. والإِتيان بصيغة لو فيما ضَرَبناه مَثَلا لتحقَّق الامتناع لا لمقابله.
وأَمَّا ما أَوردوه نقضاً، وأَنه يلزم نفاد الكلمات عند انتفاء كون ما فى الأَرض من شجرة أَقلاما، وهو الواقع؛ فيلزم النَفَاد وهو مستحيل؛ فالجواب أَن النَفَاد إِنما يلزم انتفاؤه لو كان المقدّم ممَّا لا يتصور العقل أَنه