على أَنَّ المراد بأَئمة المسلمين الوُلاة عليهم، وهو الَّذى فهمه جُمهور العلماءِ من الحديث. ويحتمل أَن يكون المرادُ به الأَئمة الذين هم عُلماءُ الدين كما قال جماعةٌ من المفسّرين فى قوله تعالى:{أَطِيعُواْ الله وَأَطِيعُواْ الرسول وَأُوْلِي الأمر مِنْكُمْ} إِنَّ المراد بأُولى الأَمر منكم العُلماء، فتكون نصيحتهم فى قبول ما رَوَوْهُ، وتقليدِهم فى الأَحكام لمن ليست له أَهليّة، وإِحسان الظنَّ بِهِمْ. ويُمكن حمل أَئمة المسلمين على المجموع من الأُمراءِ والعلماءِ، بناءً على القول بحمل المشترك على معنيَيْه. والله أَعلم.
وأَما النَّصيحة لعامَّة المسلمين، وهم من عَدَا وُلاة الأَمْر الأُمراء والعُلماء على هذا الاحتمال، فإِرْشادُهم لمَصالحهم فى آخرتهم ودنياهم، وكفُّ الأَذَى عنهم، وسَتْرُعَوْراتهم وسدُّ خَلاَّتهم، ودفعُ المضارّ عنهم، ورفع المسارّ إِليهم، وأَمْرُهم بالمعروف ونَهْيُهم عن المنكر برفق وإِخلاص، والشفقةُ عليهم، وتنبيهُ غافِلِهم وتبصيرُ جاهلهم، ورَفْدُ مُحتاجهم، وتوقيرُ كبيرهم، ورحمةُ صغيرهم، وتَحَوُّلهم بالمَوْعظة الحسنة، وتركُ غشِّهم وحَسَدِهم، وأَنْ يُحِبَّ لهم ما يحبّ لنفسه، ويكرَه لهم ما يكرهُ لها، فبهذا التفصيل ظهر أَنْ حَصْر الدّين فى النَّصيحة على ظاهره، وإِنْ كان بعضُ ذلك فرضَ عين، وبعضُه فَرْضَ كفاية، وبعضه سُنَّةً، كما هو الدّين أَيضاً/ يشتمل على جميع ذلك. وفى هذا الحديث أَنَّ النصيحة تُسَمَّى دينا