وإِسلاماً، وأَنَّ الدّين يقع على العمل كما يقع على القول. والنَّصيحة فرضٌ يُجْزى فيها مَنْ قام به ويسقُط عن الباقين. والنصيحة لازمةٌ على قَدْر الطَّاقة إِذا عَلِم النَّاصحُ أَنَّه يُقبَل نُصْحُه ويُطاعُ أَمرُه، وأَمِنَ على نفسه المكروهَ، فإِن خشى أَذًى فهو فى سَعَة.
وأمّا نصيحة المُلوك فهو على قَدْرِ الجاه والمنزلة عندهم، فإِذا أَمِنَ من ضَرّهِم فعليه نُصحهم، فإِن خشى على نفسه غَيَّر بقَلْبه، وإِنْ علم أَنَّه لا يَقْدِر على نُصحِهم فلا يدخلُ عليهم لأَنَّه يَفْتِنهم ويزيدهم فِتْنةً ويَذْهَبُ دينهُ معهم. قال الفُضَيْل: رُبّما يدخلُ العالِمُ على المَلِكِ ومعه شىءٌ من دِينِه فيخرجُ وليس معه شىءٌ. قيل له: وكَيْفَ ذلك؟ قال: يصدّقه فى كَذِبه، ويمدَحُه فى وَجْهه.
والنَّصيحة واجبة لجميع الخَلْق مسلمين وغيرهم، وهو معنى قولِه وعامَّتهم، فيقال للكافر اتَّقِ الله تعالَى ويُدْعَى إِلى الإِسلام، ويُنْهَى عن ظُلْمه، ومنه قوله تعالى:{وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ} .
قال الآجُرِّى: ولا يكون ناصحاً لله تعالى ولِرَسُوله، ولأَئمة المسلمين وعامَّتِهم إِلاَّ من بدأَ بالنَّصِيحة لنَفْسه، واجتهد فى طلب العِلْم والفِقْه لِيَعْرِف به ما يجب عليه، ويعلم عداوَةَ الشيطان له وكيف الحذر منه، ويعلم قبيح ما تميل إِليه النفس حتى يخالِفَها بعِلْم.
وقال الحَسنُ: مازال لِلهِ تعالى نُصحاء ينصحون للهِ فى عِباده،