ومن النُّورِ المحسوس الَّذى يُرَى بَعيْن البَصَر نحو قولِه:{هُوَ الذي جَعَلَ الشمس ضِيَآءً والقمر نُوراً} . وتخصيصُ الشمسِ بالضُّوْءِ، والقمَرِ بالنُّورِ من حيثُ إِنَّ الضَّوءَ أَخَصُّ من النَّورِ، وقولُه:{وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً} أَى ذا نُورٍ. وممّا هو عامٌّ فيهما قوله:{وَجَعَلَ الظلمات والنور} ، {وَأَشْرَقَتِ الأرض بِنُورِ رَبِّهَا} . ومن النُّور الأُخْرَوىّ قوله:{يسعى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} .
وسَمَّى الله نَفْسه نُوراً من حيث إِنَّه المُنَوِّر فقال:{الله نُورُ السماوات والأرض} ، وتسميتُه تعالى بذلك لمُبالَغة فِعْله، وقيل: النُّورُ هو الذى يُبْصِرُ بنُورِه ذُو العَماية ويَرْشُد بُهداه ذو الغَوايَة، وقيل: هو الظاهر الذى به كُلُّ ظُهور، فالظَّاهِرُ فى نفسه المُظْهِر لغَيْره يُسَمَّى نُوراً. وسئل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم هَلْ رَأَيْتَ رَبَّك؟ فقال:"نورٌ أَنَّى أَراه"! أَى هو نُورٌ كيف أَراهُ! وسُئل عنه الإِمام أَحمد فقالَ: مازِلْتُ مُنْكِراً له، وما أَدْرِى ما وَجْهُه. وقال ابنُ خُزَيْمَة: فى القَلْب من صِحّة هذا الحديث شىءٌ.
وقال بعض أَهل الحكْمة: النُور جسْمٌ وعَرَضٌ، والله تعالى ليس بجسم ولا عَرَض، وإِنما حجابُه النُّور، وكذا رُوى فى حديث أَبى مُوسى، والمعنى كيف أَرَى وحجابُه النُّور! أَى النُّورُ يمنعُ من رُؤيته. وفى الحديث: