فهو جاحِدٌ لحقيقة تَوْحِيده، فإِنَّ توحيدَه يتضمّن شُهودَ ذاتِ المُوَحّد وفِعْله، وما قام به من التوحيد وشُهودِ ذات الواحِد وانفرادِه، وتلك بخلاف تَوْحيده لنَفْسه، فإِنَّه يكون هو الموحِّد والموحَّد، والتَّوحيد صِفَتُه وكلامُه القائم، فما ثَمّ غيره فلا اثنينيّة ولا تعدّد. وأَيضاً فمَنْ وَحَّده من خَلْقه فلا بدّ أَنْ يصفَه بصفة، وذلك يتضمّن جَحْدَ حَقِّه الذى هو عدم انصحارِه تحت الأَوصاف، فمَنْ وصفَ فقد جَحد إِطلاقَه من قُيود الصّفات. وقوله:
توحيد مَنْ ينطق عن نَعْته ... عاريّة أَبطلها الواحدُ
يعنى توحيد الناطقين عنه عاريّة مردودة، كما تُستردُّ العَوارِى، إِشارة إِلى أَنَّ توحيدهم ليس مِلْكاً لهم، بل الحقُّ أَعارهم إِيّاه كما يُعِير المعيرُ متاعَه لغيره ينتفع به. وقوله: أَبطلها الواحد، أَى الواحد/ المطلق من كلّ الوجُوه وَحْدَتُه يُبطل هذه العارة. وقوله:
تَوْحِيدُه إِيّاه تَوْحِيدُه
يعنى توحيدُه الحقيقىّ هو تَوْحيدٌ لنَفْسه بَنفْسه من غير أَثَرٍ للسِّوَى بوجه، بل لا سِوَى هناك. وقوله:
ونَعْتُ مَنْ يَنْعَتُه لاحِدُ
أَى نعتُ الناعِت له إِلْحاد، أَى عدولٌ عمّا يستحقُّه من كَمال التوحيد، فإِنَّه أَسند إِلى نزاهة الحَقِّ ما لا يَليق إِسناده.
وحاصل كلامه، وأَحسن ما يحمل عليه: أَنَّ الفَناءَ فى شُهود الأَزليّة