للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّ الدِّينَ عِندَ الله الإسلام} والقوم دائرون فى تفسيره بين حَكَمَ وقَضَى، وأَخْبَر وأَعْلَم، وبَيَّن وعَرَفَ.

والتَّوْحِيدُ تَوْحِيدان: تَوْحِيد الرُّبوبيّة، وتَوْحيد الإِلهِيّةِ، فصاحبُ توحيدِ الرُّبوبيّة يشهد قَيُّومِيَّة الربّ فوقَ عَرْشه يدبِّر أَمَر عِباده وَحْدَه، فلا خالِقَ ولارازق، ولامُعْطِىَ ولامانعَ ولامُميت ولامُحْيِىَ ولامُدَبِّر لأَمرِ المملكة ظاهراً وباطناً غيرُهُ، فما شاءَ كان، وما لم يشأْ لم يكن، ولا تتحرّك ذَرّةٌ إِلاَّ بإِذنه، ولا يجرِى حادثٌ إِلاَّ بمشيئته، ولا تسقُط ورقةٌ إِلاَّ بِعلْمه، ولا يَعْزُب عنه مِثْقَالُ ذَرَّة فى السَّمَاوات ولا فى الأَرْض ولا أَصْغَرُ من ذلك ولا أَكبَر إِلاَّ وقد أَحصاها عِلْمُه وأَحاطَتْ بها قُدْرَتُه، ونَفَذت فيها مشيئتُه، واقتضتها حِكْمَتُه.

وأَمَّا توحيدُ الإِلهية فهو أَن يجمع هَمَّهُ وقلبَهُ وعَزْمَه وإِرادتَه وحركاتِه على أَداءِ حقٍّه والقيام بعُبودِيَّتِه، وأَنشد صاحبُ المنازل أَبياتاً ثلاثة ختم بها كتابه ولا أَدرِى هل هى له أَو لغيره:

ما وَحَّدَ الواحِدَ مِنْ واحِدِ ... إِذ كُلُّ مَنْ وَحَّدَهُ جاحدُ

تَوْحيدُ من ينطق عن نعته ... عارِيَّةٌ أَبْطَلَها الواحِدُ

تَوْحِيدُهُ إِيَّاهُ تَوْحِيدُه ... ونَعْتُ من يَنْعَتُه لاحِدُ

وظاهر معناه أَنَّ ما وحَّد الله عزَّ وجلَّ أَحدٌ سواهُ، وكلّ من أَحَّدَه

<<  <  ج: ص:  >  >>