للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قسمان: مَحْضُ الحَرام، وفُضُول الحَلال، لأَنَّ استِعْمال فُضُول الحَلال قد يُخْرِج صاحِبَه إِلى الحرامِ ومَحْضِ العِصْيان، وذلك لِشِرَّةِ النَّفْسِ وطُغْيانِها، فمن أَراد أَنْ يَأْمَن الضَّررَ فى دِينه اجْتنبَ المحظورَ وامتنعَ عن فُضُول الحلالِ حَذَراً أَن يَجُرَّه إِلى مَحضِ الحَرام. وحَصل من ذلك أَنَّ التَّقْوَى على قسمين: فَرْضٌ ونَفْلٌ، فالفَرْضُ ما تَقَدَّم من أَنَّها تنزيهُ القلبِ عن شَرٍّ لم يَسْبِق عَنْك مثلُه لِقُوَّة العَزْم على تَرْكِه حتىّ يصير ذلك وِقايَةً بينك وبين كُلّ شرٍّ. والنَّفْل: ما نُهِىَ عنه نَهْىَ تأدِيب، وهو فُضُول الحَلال، فالمباحاتُ المأَخوذات بالشُّبُهات؛ فالأُولَى يلزمُ بِتَرْكِها عذابُ النار، والثَّانية خَيْرٌ وأَدَب يلزم بتركها الحَبْسُ والحِساب، والتَّعْيير والَّلوْم. فمن أَتَى بالأُولى فهو فى الدّرجة الأَدْنَى من التَّقْوَى، ومن أَتَى بالأُخْرَى فهو فى الدّرجة العُلْيا.

واعلم أَنَّ التَّقْوَى كَنْزٌ عزيزٌ، إِنْ ظَفِرْتَ به فكم تجد فيه من جَوْهَرٍ شريف وعِلْقٍ نفيس، وخير كثيرٍ، ورِزْقٍ كريم، وغُنْمٍ جسيم ومُلْك عظيم. فهى الخَصْلة الَّتى تجمع خَيْرَ الدّنيا والآخِرة. وتأَمَّل ما فى القرآن من ذِكْرِها كم عَلَّق بها من خير، وكم وَعَدَ عليها من ثَواب، وكم أَضاف إِليها من سَعادة، قال الله تعالى: {وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً} وقال تعالى: {إِنَّ الله مَعَ الذين اتقوا

<<  <  ج: ص:  >  >>