للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو طَرْح البَدَن فى العُبوديّة، وتعلُّق القَلْب بالرُّبُوبيّة، والطمأْنينة إِلى الكفاية، فإِنْ أُعْطِىَ شَكَر، وإِنْ مُنِعَ صَبَرْ، فجعله مُرَكَّبا من خمسة أُمورٍ: القِيامُ بحركات العُبوديّةِ، وتعلُّق القَلْب بتدبير الربِّ، وسُكونٌ إِلى قضائه وقدَرِه، وطُمأْنينةٌ بكفايته، وشكرٌ إِذا أُعْطِى، وصَبْرٌ إِذا مُنع.

وقال أَبو يعقوب النهرجورىّ: التوكُّل على الله تعالى بكمال الحقيقة وَقَع لإِبراهيمَ الخليل، فى الوقت الذى قال لجبريل عليه السلام: "أَمّا إِلَيْكَ فَلاَ".

وأَجمع القومُ على أَنَّ التوكُّل لا يُنافِى القيام بالأَسباب، بل لا يصحّ التوكُّل إِلا مع القيام بها، وإِلاَّ فهو بَطالَةٌ، وتَوكُّلٌ فاسد. قال سَهْل: من طَعَن فى الحركة فقد طَعَن فى السُنَّة، ومن طَعَن فى التَّوكُّل فقد طعن فى الإِيمان. فالتوكُّل حالُ النبىّ صلَّى الله عليه وسلَّم، والكَسْب سُنَّتُه، فمن عَمِلَ على حالِه فلا يتركنَّ سُنَّتَه، وسُئِل سهلٌ عن التَّوكل فقال: قلبٌ عاش مع اللهِ بلا عَلاقَة. وقيل: التوكُّل: قَطْعُ العلائق ومُواصَلَة الحَقائق. وقيل: هو أَنْ يستوى عندك الإِكثار والإِقْلال، وهذا من مُوجِباتِه وآثارِه لا أَنه حقيقته. وقيل: هو ترك كلِّ سَبَبٍ يوصل إِلى سَبَبٍ حتَّى يكون الحقُّ تعالَى هو المتولِّى لذلك. وهذا صحيحٌ من وَجْهٍ باطِلٌ من وجه، فَترْك الأَسباب/ المأْمور بها قادِحٌ فى التوكُّل، وقد تولَّى الحقُّ إِيصالَ العبدِ بها، وأَمّا تَرْكُ الأَسباب المُباحة فإِنََّ تَرْكَها لما

<<  <  ج: ص:  >  >>