أَرجح منها مَصْلَحةً فممدوحٌ، وإِلاَّ فمذمومٌ. وقيل: هو إِلقاء [النَّفس فى] العبودية وإِخراجها من الرُّبوبيّة. وقيل هو التسليم لأَمر الربّ وقضائه. وقيل: التَّفْوِيضُ إِليه فى كلّ حال. وقيل: التوكّل بِدايةٌ، والتَّسْلِيمُ وَساطَةٌ، والتفويض نِهاية.
قال أَبو عَلِىّ الدّقَّاق. التوكُّل ثلاث درجات: التوكُّل، ثم التَّسْليم، ثمّ التَّفْويض، فالمتوكِّل يسكن إِلى وَعْدِه، وصاحبُ التسليم يكتفى بِعلْمه، وصاحب التَّفويضِ يَرْضَى بحُكْمه. فالتَوَكُّل صفةُ المؤمنين، والتَّسْلِيم صفةُ الأَولياءِ، والتَّفْويضِ صفة المُوَحِّدين. التَوَكُّل صفةُ الأَنبياءِ، والتَسْلِيمُ صفةُ إِبراهِيمَ الخليل، والتَّفْويضِ صفة نبيّنا صلَّى الله عليه وسلَّم.
وحقيقة الأَمرِ أَنَّ التوكُّل حالٌ مركَّبة من مجموع أُمورِ لا يتمُّ حقيقةُ التوكُّل إِلاَّ بها، وكُلٌّ أَشَارَ إِلى واحد من هذه الأُمور أَو اثنين أَو أَكثر، فأَوّل ذلك معرفةُ الربِّ تعالَى وصفاتِه من: قُدْرَته، وكفايَتِه، وقَيُّومِيَّته؛ وانتهاءِ الأُمور إِلى عِلْمه وصُدورها عن مشِيئته وقدرته، وهذه المعرفة أَوّل درجة يضع بها العبد قَدَمه فى مقام التوكُّل.
الدّرجة الثانية: إِثبات الأسباب والمُسبَّبات، فكلّ من نفاها فتوكُّله مدخولٌ؛ وهذا عكس ما يظهر فى بادئ (الرأى) أَن إِثبات