ودون هؤلاءِ مَن يتوكَّل عليه فى معلومٍ يناله: مِن رزق، أَو عافية، أَو نَصْرٍ على عدوٍّ، أَو زوجة، أَو ولد، ونحو ذلك.
ودون هؤلاءِ مَن يتوكَّل عليه فى حصول ما لا يحبّه الله، ولا يرضاه: من الظُّلم، والعدوان، وحصول الإِثم، والفواحش. فإِنَّ أَصحاب هذه المطالب لا ينالون غالباً إِلاَّ باستعانتهم، وتوكُّلهم عليه. بل قد يكون توكُّلهم أَقوى من توكُّل كثير من أَصحاب الطَّاعات. ولهذا يُلقُون أَنفسهم فى المهالك، معتمدين على الله - تعالى - أَن يُشمّهم، ويُظِفرهُم بمطالبِهم. فأَفضل التَّوكُّل فى الواجب: أَعنى واجبَ الحقّ، وواجبَ الخَلْق، وواجبَ النَّفس. وأَوسعُه وأَنفعُه التَّوكُّل فى التأْثير فى الخارج فى مصلحة دينه، أَو فى دفعِ مفسدة دينه. وهو توكُّل الأَنبياءِ - عليهم الصّلاة والسّلام - فى إِقامة دين الله، ودفع المفسدين فى الأَرض. وهذا توكُّل وَرَثتهم.
ثمّ النَّاس فى التوكُّل على حسب [أَغراضهم] . فمن متوكل على الله فى حصول المُلْك، ومتوكِّل عليه فى حصول (رغيف. ومَنْ صدق توكُّله على الله فى حصول) . شئٍ ناله. فإِن كان محبوباً له مرضيّاً كانت له فيه العاقبة المحمودة. وإِن كان مسخوطاً مبغوضا كان ما حصل له بتوكّله مَضرّة. وإِن كان مباحاً حصلت لهُ مصلحة التوكُّل، دون مصلحة ما توكَّل فيه، إِن لم يستعن به على طاعة.
فإِن قلت: ما معنى التوكُّل؟ قلت: قال الإِمام أَحمد: التوكل: عمل القلب: يعنى ليس بقولٍ، ولا عمل جارحة، ولا هو من باب العلوم،