والإِدراكات. ومن الناس مَن يجعله من باب المعارف، فيقول: هو علم القلب بكفاية العبد من الله. ومنهم من يقول: هو جُمُود حركة القلب، واطِّراحه بين يدِ الله كاطّراح الميّت بين يدى الغاسِل: يقلِّبه كيف يشاءُ. وقيل: ترك الاختيار، والاسترسالُ مع مجارى الأَقدار. ومنهم من يفسّره بالرّضا، ومنهم من يفسره بالثِّقة بالله، والطُّمأْنينة إِليه.
وقال ابن عطاءٍ. هو أَلاَّ يظهر فيه انزعاج إِلى الأَسباب، مع شدّة فاقته إِليها؛ ولا يزول عن حقيقة السّكون إِلى الحقِّ، مع وقوفه عليها. وقيل: ترك تدبير النَّفس، والانخلاعُ من الحَوْل والقُوّة.
وإِنَّما يَقْوَى العبد على التوكُّل إِذا علمِ أَن الحقّ سبحانه يعلم ويرى ما هو فيه. وقيل: التوكُّل أَن ترد عليك مواردُ الفاقات، فلا تسمو إِلاَّ إِلى مَنْ له الكفايات، أَو نفى الشكوك، أَو التفويض إِلى مالك الملوك، أَو خلع الأَرباب، وقطع الأَسباب، أَى قطعها مِن تعلَّق القلب بها [لا] من ملابسة الجوارح لها. وقال أَبو سعيد الخَّراز: هو اضطراب بلا سكون، وسكون بلا اضطراب. وقال سهل: مَنْ طعن فى الحركة، فقد طعن فى السُّنَّة. ومَنْ طعنَ فى التَّوكُّل فقد طعن فى الإِيمان. فالتوكُّل حال النبىّ صلَّى الله عليه وسلَّم، والكَسْب سُنَّته. فمَن عمل على حاله فلا يتركنَّ سنَّته.