للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: ليس ها هنا مضمر؛ لأن البغي صفة لمن عدل عما أُمِر به، ولهذا قيل لمن خرج على الإمام: باغ؛ لأنه عدل عما أُمِر به، كذلك البغي ها هنا: عدولٌ عما أمر به، وارتكاب المخالفة في الأفعال من الأكل وغيره، وهذا مثل قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا} [المائدة: ٣٨]، معلوم أن السارق من أخذ الشيء، إلا أنه غير مذكور، ولم يجز أن يقال: إن هذا مضمر، بل قيل: إن هذا الاسم لمن هذه صفته، وإنما المضمر نحو قوله - عليه السلام -: "رفع القلم عن ثلاث" (١)، نحن نعلم أن نفس القلم لا يرتفع، وإنما يرتفع معنى مضمر، وهو: الحكم، وكذلك قوله: عفي عن الخطأ، نفس الفعل، فعلم أن هناك مضمر [اً].

فإن قيل: قد اتفقوا على أن المراد بالآية: أحدهما، فلا يجوز حملها عليهما؛ كما قلنا في الأقراء المذكورة في الآية (٢) لما اختلفوا في المراد بها، فتأول بعضهم على الأطهار، وبعضهم على الحيض، واتفقوا أن المراد بها أحدهما، لم يجز حمل الآية عليها.

قيل له: المراد بالآية: الأمران جميعًا؛ لأن البغي في كل محرم عليه بالاتفاق، فثبت أنه مراد بالآية، والبغي في غيره مختلف فيه، ونحن نقول: هو مراد بالآية أيضًا، والظاهر يقتضيه، فجاز حمله عليهما.

وأيضًا: ما أنا أبو محمد عبد الله بن الضرير المقرئ - تخريج أبي


(١) مضى تخريجه في (٢/ ١٦٩).
(٢) في قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>