وهو الجنون، والثاني: لا يؤثر، وهو السكر، ولا يدخل عليه دم الحيض والنفاس؛ لأنه محدود الأكثر.
وأيضًا: فإن القصر والفطر جُعِلا معُونة للسفر، وإذا كان معصية، لم يجز أن يكون له رخصة؛ لأنه يكون معونة على المعصية، والمعونة على المعصية معصية، وهذا لا يجوز بالإجماع، وشأنه هذا: صلاة شدة الخوف، لما كانت عونًا على القتال، لم تجز إذا كان عاصيًا بالقتال، كذلك ها هنا.
فإن قيل: لا نسلم أنه لا يجوز لمن قاتل بمعصية أنه لا يجوز له أن يصلي صلاة شدة الخوف.
قيل له: هذا خلاف إجماع المسلمين، فلا يصح القول به، وعلى أن الدليل يستغني بنفسه عن ذكر الأصل، فلا يضرنا منع التسليم.
فإن قيل: فإن سلَّمنا الأصل، فلا نسلم أن صلاة الخوف جعلت معونة على القتال.
قيل له: هذا لا شبهة فيه؛ لأنه إنما جاز له أن يصلي على الدابة كيف ما أمكنه؛ ليتصل القتال، ولا يغلب العدو، فسقط هذا.
فإن قيل: فالمعنى في الأصل: أن العاصي بالقتال هو الذي ابتدأ بقتال من لا يجوز له أن يقاتله، وهو متمكن من تركه، غيرُ مضطر إليه، فلا يكون علة التخفيف موجودة في حقه، فلهذا لم يجز له أن يصلي صلاة شدة الخوف، وليس كذلك صلاة السفر؛ فإن التخفيف فيها متعلق بالسفر، وهو موجود.