للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنقول: إذا قصد خطاب الآدمي وإفهامه، صار من جنس خطاب الآدميين، وأبطل الصلاة، وإذا لم يقصد به خطاب الآدميين، كان من جنس الأذكار، فلا تبطل.

قيل له: لو كان كذلك، لوجب أن يُبطل صلاة المكبرين، وصلاة المنبه للإمام على سهوه، وصلاة الدافع للمار بين يديه، وهذا لا يقوله أحد، على أن الذكر الذي يجوز التنبيه به على ضربين:

ضرب من جنس الأذكار؛ مثل: التسبيح، والتهليل.

وضرب مشترك بين كلام الآدميين، وبين القرآن؛ مثل قوله تعالى: {يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} [مريم: ١٢]، و {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ} [الحجر: ٤٦]، و {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} [يوسف: ٢٩]، و {يَانُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا} [هود: ٣٢]، و {إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ} [القصص: ٢٠]، و {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} [القصص: ١٥]، و {أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} [هود: ٧٨].

وأما التسبيح، والتكبير، والتهليل، فلا يخرج بقصد التنبيه به عن جنسه؛ لأنه لا يحتمل إلا معنى واحدًا (١).

وإنما يستدل على قصد المصلي بذكره بدلالة الحال، دون ما يقتضيه لفظه وحروفه، كما يستدل بالإشارة والتصفيق على التنبيه، وإذا كان كذلك، لم يجز أن يقال: إنه بالقصد صار من جنس كلام الآدميين، وأما


(١) في الأصل: واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>