للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتج: بأن القرية التي يسمع فيها النداء كالتي لا يسمع فيها؛ بدليل: أنه لو نوى سفرًا تقصر فيه الصلاة، وانفصل عن المصر، جاز له أن يقصر قبل أن يخلف بنيان هذه، كما يجوز قبل أن يخلف بنيان تلك، ثم تقرر: أن التي لا يسمع فيها النداء لا يجب على أهلها الجمعة، كذلك التي يسمع فيها النداء.

والجواب: أنه إنما كانا سواء في جواز القصر، ولم يكونا سواء في إيجاب الجمعة؛ لأن القصر يجوز إذا ترك بيوت المدينة وراء ظهره، وهذا المعنى يوجد في الموضعين، وقد قال أحمد - رحمه الله - في رواية الميموني (١): إنما يقصر إذا خرج من البيوت، ولا يقصر (٢)، وكذلك نقل صالح (٣): يقصر ويفطر إذا فارق القرية، وعلى أن القرب والبعد معتبر في هذا المعنى؛ لأن أبا حنيفة - رحمه الله - قد قال (٤): تجوز إقامة الجمعة في صحراء البلد إذا كانت بالقرب من البنيان، ولا يجوز مع البعد، فسقط هذا.

واحتج: بأن كل قرية لم يلزم أهلَها السعيُ إذا لم يسمع النداء، لم يلزم وإن سمعت؛ دليله: إذا كان فيها أربعون نفسًا.


(١) لم أقف عليها، ونقل مثلها عبد الله في مسائله رقم (٥٥٧)، وابن هانئ في مسائله رقم (٦٣١)، والكوسج في مسائله رقم (٣١٤).
(٢) كذا في الأصل، وكأن ثمة سقطًا.
(٣) في مسائله رقم (١٦).
(٤) ينظر: بدائع الصنائع (٢/ ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>