النساء والصبيان؛ لأنهم لا يجب عليهم الجمعة؛ لأن التعليل للجواز، وقولنا: على من استوطنه، احتراز: من المسافر، ومن أهل البادية.
فإن قيل: لا تأثير لسماع النداء في الأصل؛ لأن الربض يجب على ساكنه الجمعة، سمع أو لم يسمع.
قيل له: الربَض من جملة المِصر، وكل موضع في المصر محلٌّ للنداء وإقامة الجمعة، فما من أحد فيه إلا وهو على صفة قد يسمع النداء، ولأن النداء أحدُ جهتي الاتصال، فتعلق به الوجوب؛ قياسًا على اتصال البناء، وقد دل على هذا الوصف: حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"من سمع النداء فلم يأته، فلا صلاة له إلا من عذر"(١).
احتج المخالف: بأن بينهما وبين المصر فُرجة، فوجب أن لا يجب على أهلها الجمعة؛ كما لو كانت على مسافة لا يسمع فيها النداء، وقالوا: لأنها ليست من جملة المصر، فلا يجب على أهلها الجمعة؛ كأهل البوادي.
والجواب: أن المعنى في الأصل: أنه عدم فيه جهتا الاتصال، وليس كذلك في مسألتنا؛ لأنه قد وجد فيها إحدى جهتي الاتصال، وهو بلوغ النداء، فهو بمنزلة اتصال البناء.
وقد قيل: إنه إذا لم يسمع النداء، فلم يلحقه شعار الجمعة، وهذا يلحقه شعار، فلهذا فرقنا بينهما.