للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تجب الجمعة على مريض، ولا مسافر، ولا عبد" (١)، فلما خص هؤلاء بالإسقاط، دل على أن من عداهم تجب عليه.

ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لابن أم مكتوم: "تسمع النداء؟ "، قال: نعم، قال: "لا أجد لك عذرًا" (٢)، فلما [لم] (٣) يُسْقِط عنه الجماعة، فأولى أن لا تسقط عنه، مع الاتفاق على السعي إليها.

فإن قيل: فظاهر الخبر مُطَّرح؛ فإنه قال فيه: ليس لي قائد يلائمني؟ فقال: "مد حبلًا، لا أجد لك عذرًا" (٤)، فأوجب عليه مع عدم القائد.

قيل: لأنه وجد ما يقوم مقام القائد، وهو مد الحبل إلى موضع الصلاة، ولأنه فقد حاسة، فلم يسقط حضور الجمعة؛ دليله: السمع، والذوق، ولا يلزم عليه الجنون؛ لأنه ليس بفَقْد حاسة، وإنما هو فقد العقل، وهو علم من العلوم الضرورية، ولأن أكبر ما فيه: أنه لا يُهدى الطريق بنفسه، وهذا لا يمنع من الإيجاب؛ كالبصير إذا لم يُهْدَ الطريق إلى الجامع، فإنه يلزمه إذا وجد من يهديه، ولأنا قد استوفينا الكلام في مثل هذه المسألة في كتاب الحج هل يلزم الأعمى أم لا؟ وحكينا خلاف


(١) لم أجده بهذا اللفظ، وقد مضى تخريج بعض الأحاديث الدالة على معناه في ص ١٠٩.
(٢) مضى تخريجه في (٢/ ٢٤٣).
(٣) إضافة يقتضيها الكلام.
(٤) مضى تخريجه في (٢/ ٢٤٣)، ولفظة: "مد حبلًا" لم أجدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>