للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي حنيفة - رحمه الله -، وأنه لا يلزم.

واحتج المخالف: بأنه محتاج فيها إلى قطع مسافة، فلا تجب على الأعمى؛ كالجهاد.

والجواب: أن القصد من الجهاد إثباتُ أعيان الكفار لقتالهم، وهذا متعذر في حق الأعمى، فأما الجمعة، فإنه يمكنه أن يقصدها بنفسه، وإنما لا يُهدى الطريق، وهذا لا يمنع الإيجاب؛ كالبصير إذا لم يعرف الطريق، وإن قاسوا على المريض، فالمعنى: أنه لا يمكنه أن يأتي المسجد بنفسه، وها هنا يمكنه، وقد نقل الميموني (١) قال: سئل أبو عبد الله عن رجل مريض لا يقدر أن يأتي الجمعة ماشيًا، يكتري ويركب؟ قال: لم أجعل ذا عليه أن يكون له قوة أو فضل، فيكتري ويركب.

وهذا محمول علي أنه لا يقدر؛ لضعف يجده عقب (٢) المرض، فيلزمه الركوب؛ لأن المرض قد زال، فأما إن كان المرض باقيًا، فلا يلزمه؛ لأن العذر باقٍ.

آخر الجزء الثامن عشر من أجزاء المصنف

- رحمة الله عليه وعلى كاتبه ووالديهما ولجميع المسلمين -

* * *


(١) لم أقف على رواية الميموني، وقد نقلها: المروذي عنه. ينظر: الفروع (٣/ ٦١)، والمبدع (٢/ ٩٥)، والإنصاف (٤/ ٤٦٤)، وكشاف القناع (٣/ ٢٤١).
(٢) في الأصل: عقبه، والتصويب من الفروع (٣/ ٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>