للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتج: بأن الجمعة لا يمكنه أداؤها بنفسه؛ لأنها تفتقر إلى عدد، وإمام، وغير ذلك، والإنسان لا يكلَّف عبادة لا يقدر على أدائها بنفسه.

والجواب: أن هذا باطل به إذا سعى إليها، فإنه يلزمه الجمعة، وإن لم يمكنه في هذه الحال أداؤها بنفسه، وعلى أنه قد يلزم الإنسان عبادة، وان لم يمكنه أداؤها بنفسه؛ كالأعمى كُلِّف الصلوات، وإن لم يمكنه أداؤها بنفسه، بل يحتاج إلى من يعاونه في الطهارة، والعلم بالجهة، وحصول الوقت.

واحتج: بأن كل صلاة جاز فعلها من المريض في يوم الجمعة جاز فعلها من الصحيح في يوم الجمعة؛ كالصبح.

والجواب: أن الصبح يؤمر بها في يوم الجمعة على الوجه الذي يؤمر به في غير يوم الجمعة، وليس كذلك الظهر؛ لأنه يؤمر يوم الجمعة بالجمعة دون الظهر، فبان الفرق بينهما.

فإن قيل: فما معنى قول أحمد - رحمه الله - في رواية حنبل (١): صلاة (٢) الجمعة واجبة فرض، والذهاب إلى الجمعة تطوع سنة مؤكدة. فكيف تكون فريضة، والذهاب إليها سنة وتطوع؟

قيل: لم يرد بالذهاب إليها: القصد، وإنما أراد به أحد شيئين: إما أن يريد به: البكور الذي وردت السنة بفضله، أو يريد به: السعي الذي


(١) ينظر: الفروع (٣/ ١٥٩).
(٢) في الأصل: الصلاة الجمعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>