والفريضة في حال الخوف ليس من شرطها القبلة، ومن شرطها الطهارة، ومس المصحف من شرطه الطهارة، وليس من شرطه التوجه، وكذلك الكلام كان مباحًا في أول الإسلام في الصلاة، والطهارةُ شرط فيها، وكذلك الطواف، ومس المصحف لا يحرم الكلام، ومن شرطه الطهارة، والصحيح ما ذكرنا.
واحتج المخالف: بأن كل ذكر كان شرطًا في صحة الصلاة لم يصح إلا بطهارة؛ دليله: تكبيرة الإحرام، ولا يلزم عليه الشهادتان؛ لأن الشرط هو الإيمان، وهو التصديق بالقلب (١)، وإنما يطالب بالشهادتين؛ ليعلم إيمانه بقلبه.
والجواب: أن تكبيرة الإحرام من الصلاة يشترط فيها الطهارة، وليس كذلك الخطبة؛ لأنها ذكرٌ يتقدم الصلاة، فهي بالأذان أشبهُ.
فإن قيل: اعتبارها بأركان الصلاة أشبهُ؛ لأنها شرط في الصحة، والأذان ليس بشرط.
قيل له: اعتبارها بالأذان أشبه؛ لأن فساد الركعتين لا يوجب فساد الخطبة، كما لا يوجب فساد الأذان، وعلى أن الطواف، ومس المصحف، والكلام في صدر الإسلام ليس ذلك شرطًا في صحة الجمعة، ومع هذا
(١) الإيمان: اعتقاد بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالجوارح، يزيد وينقص. ينظر: الإيمان لأبي عبيد القاسم بن سلام ص ١٠، والإيمان لابن أبي شيبة ص ٥٠.