سمعتُ النداء، فلما دخل عمر - رضي الله عنه - بيته، دخل ابن عباس - رضي الله عنهما - عليه، فقال: يا بن عباس! أما تسمع ما قال: ما زدتُ على أن توضأت ثم جئتُ؟ فقال عمر: أما إنه قد علم أنا كنا نؤمر بغير ذلك، قال: ألكم أيها المهاجرون خاصة، أم للناس عامة؟ فقال عمر - رضي الله عنه -: لا أدري.
فقد وجد الكلام من عثمان - رضي الله عنه - في حال الخطبة، ولم ينكره أحد من الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين -.
قيل له: كلام عمر - رضي الله عنه - فيجوز عندنا؛ لأنه الخاطب - وهذا فصل يأتي - وأما كلام عثمان - رضي الله عنه -، فيجوز؛ لأن عمر - رضي الله عنه - قطع الخطبة في حال سؤاله، وخلافنا في حال الذكر، والقياس: أن الخطبة ذكرٌ جُعل شرطًا في صحة الصلاة، فجاز أن يحرم الكلام؛ دليله: تكبيرة الإحرام، والقراءة، ولا يلزم عليه الخاطب؛ لأن التعليل لجنس الذَّكر، فلا يلزم عليه الأحوال.
قيل: إنما نُهِي عن الكلام في حال الصلاة؛ لأنه لا يشترك فيه الإمام والمأموم، فكان يجب أن يشترك الخاطب والمستمع أيضًا في النهي.
قيل له: إنما لم يشتركا في الخطبة؛ لأن المستمع إذا تكلم حصل تاركًا للإنصات، وراغبًا عنه، وليس كذلك الخاطب؛ لأنه بالكلام تزول الخطبة، وقد يجوز قطعها، فلا يحصل تاركًا للإنصات، ولأن المأموم يشارك الإمام في نفس الفعل، وها هنا أحدُهما فاعل.
فإن قيل: فالمعنى في الصلاة: أن الكلام يُبطل، والخطبة لا يبطلها الكلام، فلهذا لم يجز فيها.
قيل له: فيجب أن لا يمنع من التطوع أيضًا؛ لأنه لا يبطلها، وأيضًا: