للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن في إباحة الكلام ترك الإنصات استخفافًا بالإمام، وإبطالًا لمعنى الخطبة، وإزالة فائدتها، وذلك أولى ما وصف بأنه محرم؛ ولأن في الكلام ترك الإنصات، فيجب أن يمنع منه المستمع ابتداء؛ دليله: صلاة النفل، ولا يلزم عليه تحية المسجد؛ لأنها لا تفعل ابتداءً، وإنما تفعل لسبب، ومثله في الكلام يجوز منه ما له سبب، وهو رد السلام، وتشميت العاطس على إحدى الروايتين.

فإن قيل: الصلاة تتصل، والكلام يمكن قطعه.

قيل له: تحية المسجد تتصل، وتجوز عندك.

واحتج المخالف: بما روى أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: أصاب أهلَ المدينة قحطٌ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبينما هو يخطب يوم الجمعة، إذ قام رجل فقال: يا رسول الله! هلك الكراع (١)، وهلك [الشاء] (٢)، فادع لنا أن يسقينا، فمدَّ يديه، ودعا، قال أنس: وإن السماء لمثل الزجاجة، فهاجت ريح، ثم أنشأت سحابة، ثم اجتمع، ثم أرسلت السماء عزاليها، فخرجنا نخوض في الماء حتى أتينا منازلنا، فلم يزل المطر إلى الجمعة الأخرى، فقام إليه ذلك الرجل، أو غيره، فقال: يا رسول الله! تهدمت


(١) الكُرَاع: يطلق على الخيل، والإبل. ينظر: النهاية في غريب الحديث، ولسان العرب (كرع).
(٢) ساقطة من الأصل، وهي في الحديث. ينظر: صحيح البخاري، كتاب: الجمعة، باب: رفع اليدين في الخطبة، رقم (٩٣٢) وفي كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، رقم (٣٥٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>