والجواب: أن هذا محمول على الوقت الذي كان الكلام مباحًا في الصلاة، فكان مباحًا أيضًا في حال الخطبة، فلما نهي عن الكلام في الصلاة، نُهي عنه في حال الخطبة، وتكون الدلالة على صحة هذا: ما ذكرنا من الأخبار.
واحتج: بأنه ذكرٌ يتقدم الصلاة، فلا يجب السكوت في حال الاستماع؛ دليله: الأذان والإقامة.
والجواب: أن حال استماع الأذان لا تحرم النوافل المبتدأة، وليس كذلك ها هنا؛ لأنه يحرم التطوع لا لأجل الوقت، فحرم الكلام؛ دليله: حال الصلاة.
واحتج: بأنه غير متلبس بالصلاة، فلم يحرم عليه الكلام إذا كان على بعد من الإمام؛ بحيث لا يسمع صوت الإمام.
والجواب: أن المعنى هناك: أنه غير مستمع لها، وفي مسألتنا هو مستمع، ففي ترك الإنصات استخفافٌ بالإمام، وإبطالٌ لمعنى الخطبة؛ ولأنه لو كان خلف الإمام في صلاة يجهر فيها بها، لم يستحب له القراءة عندهم، ولكن مع سكتاته، ولو كان في صلاة يجهر بها، قرأ أي وقت
(١) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه رقم (١٧٩٨)، والحاكم في المستدرك، كتاب: الجمعة، رقم (١٠٥٣)، وقال: (حديث صحيح على شرط الشيخين)، ووافقه الذهبي، والبيهقي في الكبرى، كتاب: الجمعة، باب: حجة من زعم أن الإنصات للإمام اختيار، رقم (٥٨٤٣).