فوجه الدلالة: أن عليًا - رضي الله عنه - صلى الجمعة، وعثمان - رضي الله عنه - محصور، وكان السلطان في ذلك الوقت عثمان.
فإن قيل: الإمام لم يمكنه أن يصلي بهم، وعندنا: أنه إذا كان هناك سبب يمنع الإمامَ أو خليفتَه عن الحضور، فعلى المسلمين إقامة رجل يصلي بهم الجمعة، وهذا كما فعل المسلمون يوم مؤتة لما قُتل الأمراء: زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة - رضي الله عنهم -، اجتمعوا على خالد بن الوليد - رضي الله عنه - (١)، وكذلك إذا مات سلطان بلد، جاز لهم أن يقيموا لهم رجلًا ينفذ الأحكام، ويقيم الحدود.
قيل له: قد كان يمكن الوصول إلى الإمام، والى إذنه، ولهذا دخل عبيد الله بن عدي بن الخيار، واستأذنه، فلو كان إذنه شرطًا، لفعل عليّ، ومن تابعه ذلك.
فإن قيل: يجوز أن يكون استأذنه.
قيل: لو كان استأذنه، لنقل، كما نُقل تقدمُه، وصلاته، وكما نقل استئذان عبيد الله بن عدي بن الخيار.
والقياس: أنها صلاة مفروضة، فوجب أن لا يكون السلطان شرطًا في إمامتها؛ دليله: سائر الصلاة، أو نقول: صلاة يصح فعلها بإذن الإمام، فصح فعلُها بغير إذنه؛ كسائر الصلوات؛ ولأنها صلاة لا يعتبر إذن الإمام في تمام العدد منها، فلا يعتبر في المقصورة الناقصة، دليله: صلاة
(١) ينظر: صحيح البخاري، كتاب: المغازي، باب: غزوة مؤتة من أرض الشام، رقم (٤٢٦١ و ٤٢٦٢).