السفر، ويريد بالتامةِ العددِ: الظهرَ، ولأنها عبادة لا يختص الإمام بفعلها، فلا يقتصر إقامتها إلى إذنه، أصله: الصلاة، والصوم، والاعتكاف، والحج، وغير ذلك، ولا يلزم عليه الحدود؛ لأن الإمام يختص بفعله، أو من استخلفه الإمام، والجمعةُ، فكلُّ أحد يفعلها كما يفعل سائر العبادات.
فإن قيل: المعنى في سائر العبادات: أن يجوز أن يقيمها كل واحد من الناس على الانفراد، فلم يكن من شرطها السلطان، وليس كذلك الجمعة؛ لأنه ليس لكل واحد أن يقيمها على الانفراد، فهي كالحدود.
قيل له: منتقض بالغزو؛ فإنه لا يجوز أن يقيمه كل واحد من الناس على الانفراد، ولا الدخول إلى دار الحرب بغير إذن الإمام، ومع هذا: إذا اجتمعوا، وكانت لهم منعة، كان لهم دخولها من غير إذنه، وأما الحدود، فالكلام عليها يأتي - إن شاء الله تعالى -.
واحتج المخالف: بأن الأصل الظهر، وإنما نقل الفرض إلى الجمعة بشرائط، فمتى اختلف في شرائطها، لم يجز الانتقال عن الظهر إليها إلا بدلالة.
والجواب: أنَّ ما أجمعنا عليه من الشرط أثبتناه، وما اختلفنا فيه، وجب نفيه، إلا أن تقوم دلالة على إثباته.
واحتج: بأنه لا يصح لكل أحد من الناس إقامتها على الانفراد، فوجب أن يكون من شرطها: السلطان؛ دليله: الحدود.
والجواب: أنه ينتقض بما ذكرنا من الغزو، وأنه لا يجوز أن يقيمه