للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل أحد على الانفراد، ولهم فعله إذا كانت [لهم] منعة بغير إذن الإمام، وعلى أن الحد يقف فعلُه على الإمام، أو خليفته، ولا يشاركه فيه أحد، فكان موقوفًا على إذنه، والجمعة، فهو والرعيةُ في فعلها سواء، فلم تكن مختصة به، ولا موقوفة على إذنه؛ كسائر العبادات؛ ولأن إقامة الحدود تفتقر إلى اجتهاد الإمام بضرب من المصلحة، وذلك أن الحد عقوبة، فلو جعلت لكل واحد من الرعية، دخلها الحَيْف، والغَرَر، وقصد كل واحد فيه التشفي، ودرك الغيظ، وفي ذلك فساد، ولأنه يدخلها الاجتهاد في وجوبه، وفي وقت إقامته، والآلة التي يقام بها، ويختلف باختلاف من وجب عليه، وليس كذلك الجمعة؛ فإنه لا يدخلها الاجتهاد في وجوبها، وأفعالها، فهي كسائر الصلوات.

فإن قيل: فالجمعة مختلَف في موضع إقامتها، وفي العدد الذي تنعقد به.

قيل له: إلا أن هذا الاختلاف لا يفتقر إلى اجتهاد الإمام، والحد يفتقر إلى اجتهاد الإمام؛ للمعنى الذي ذكرنا.

واحتج: بأنه لم ينقل من لدن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى يومنا هذا إقامةُ الجمعة إلا بسلطان، فعلم أنه شرط فيها، ألا ترى أنه لما لم ينقل إقامتها إلا بالخطبة، كانت شرطًا؟

والجواب: أنا قد نقلنا: أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أقامها بغير سلطان، وكذلك روى ابن المنذر (١) عن ابن مسعود - رضي الله عنه -: أنه صلى بالناس


(١) ينظر: الأوسط (٤/ ١١٣)، ولم يسنده، ولم أقف على سنده، قال ابن مفلح =

<<  <  ج: ص:  >  >>