للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب: أنا لا نسلِّم أنها صلاة مقصورة؛ لأن الفرض في يوم الجمعة صلاةُ الجمعة، وعلى أن القصر والتمام فرضٌ واحد، ألا ترى أنهما يتفقان في الجهر، والإخفات، ويُقضيان (١) جميعًا إذا فاتا، وتُبنى إحداهما على الأخرى مع سعة الوقت، فكان وقتهما واحدًا، فلم يجز فعل المقصورة قبل وقت التمام، والجمعة والظهر تختلفان في جميع ذلك، فهما فرضان مختلفان، فاختلف وقتهما؛ كالظهر مع العصر.

واحتج: بأنها صلاة يخرج وقتها بحصول الظل مثله، فلم يجز فعلها قبل الزوال؛ كالظهر.

والجواب: أنه لا يمتنع أن تتفق العبادتان في الانتهاء، وتختلفا في الابتداء؛ كما جاز أن تتفقا في الابتداء، وتختلفا في الانتهاء؛ كالصوم، وصلاة الفجر يتفقان في الابتداء، وهو طلوع الفجر، ويختلفان في الانتهاء، فانتهاء وقت صلاة الفجر طلوعُ الشمس، وانتهاء الصوم غروبُها؛ لأن الانتهاء أحد طرفي الوقت، كما أن الابتداء أحد طرفيه، وعلى أن الظهر والجمعة قد تختلفان في انتهاء الوقت على وجه، وهو حال الاستدامة بالصلاة؛ فإنه إذا أحرم بالظهر، فخرج وقتها؛ بأن صار الظل مثله، لم يمنع من البناء عليها، ويكون أداء، ولو كان محرِمًا بالجمعة، فخرج وقت الظهر، منع من البناء عليها جمعة على قول الشافعي - رحمه الله (٢)


(١) في الأصل: نقصان، وفي الانتصار (٢/ ٥٨٧): (في الجهر والإخفات والقضاء إذا فاتت، فيبنى بعضها على بعض مع سعة الوقت؛ كالمقصورة مع التامة).
(٢) ينظر: الأم (٢/ ٣٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>