للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولنا: (مكلف) يحترز به من المجنون.

وقولنا: (مع قدرته على أدائها في الوقت) يحترز به إذا هدّده إنسان بالقتل، ومنعه عن الصلاة، جاز له تأخيرها؛ لأنه غير قادر.

فإن قيل: المعنى في الأصل أنه يمكنه أداء الصلاة في غير حال المسايفة على حالة لا تنافيها ولا تضادها، وفي حال المسايفة والمطاعنة لا يمكنه أداؤها إلا مع أفعال تنافي الصلاة، وتضادها، ويوجب إعادتها، فلهذا لم يجز فعلها.

قيل له: قد أطلق أحمد - رحمه الله - القول في الصلاة في حال المطاردة أنها تجزؤه، ولا يمتنع ذلك؛ لأنه لما عُفي عن ترك القبلة في هذه الحال جاز أن يعفى عن كثرة العمل فيها، وعلى أنه لا يمتنع أن يلزمه الفعل، وإن لم يعتد به كالمضي في الحج الفاسد، والدخول مع الإمام في حال السجود؛ ولأنه نوع عذر يجوز ترك القيام فيه في الصلاة المفروضة، فوجب أن يكون من جنسه ما يجوز ترك الركوع والسجود فيه كالمرض.

واحتج المخالف: بما رُوي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فاتته أربع صلوات يوم الخندق، فلما كان هوي من الليل (١) قام فقضاهن، وقال: "ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارًا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى" (٢)، فلو جازت


(١) أي هزيع منه، وساعة منه. ينظر: لسان العرب (هوا).
(٢) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب غزوة الخندق، رقم (٤١١١)، =

<<  <  ج: ص:  >  >>