في سورة النساء {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ}[النساء: ١٠٢]، والخلاف في هذه المسألة في صلاة شدة الخوف، وهي لم تكن نزلت، ولهذا قال أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: وذلك قبل أن ينزل قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}[البقرة: ٢٣٩].
واحتج: بأن كل معنى لا تصح الصلاة معه في غير حال الخوف بحال لا تصح معه في حال الخوف، أصله: الزعقات لإذهاب العدو، وإنشاد الأشعار، ونحو ذلك.
والجواب: أنه لا يجوز اعتبار حال الضرورة بغيرها، ألا ترى أنه يجوز لهم أن يصلوا الفريضة ركبانًا إلى غير قبلة، ولا يجوز لهم أن يصلوا هكذا في غير حال الضرورة، وعلى أن المعنى في الأصل أنه لا ضرورة بهم إلى الزعقات، ويمكنهم أن يصلوا من غير أن يزعقوا فيها، والحرب مع السكوت أولى وأهيب، ولهذا قال يوم فتح مكة (١):
وأتبعتنا بالسيوف المسلمة … ضربًا فما تسمع إلا همهمة
تقد كل ساعد وجمجمة … لم تنطقي في اللوم أدنى كلمة
* * *
(١) القائل: حِمَاس بن قيس بن خالد، أخو بني بكر، ينظر: مغازي الواقدي (٢/ ٢٦٠)، ومعجم البلدان (٢/ ٣٩٣)، والإصابة (٢/ ٦١٤).