والجواب: أن من تجب التلبية في حقه ليس في حقه تكبير، وهو المحرم، ولأن يوم التروية لا يجب فيه ركن من أركان الحج، ولا سن فيه التلبية، وليس كذلك ها هنا؛ لأنه يجب فيه ركن من أركان الحج أشبه يوم النحر.
واحتج: بأن أول صلاة يكبر لها أهل منى صلاة الظهر يوم النحر؛ لأن سنتهم التلبية إلى أن يأخذوا في رمي جمرة العقبة، وآخر صلاة يكبرون لها صلاة الصبح من آخر أيام التشريق؛ لأنهم يرمون الجمار الثلاث، ثم يخرجون من منى إلى المحصب، ويصلون فيها الظهر، ولا يكبرون خلفها، هكذا روي عن عبد الله بن واقد أن عمر وعثمان - رضي الله عنهما - كانا يصليان الظهر يوم الصدر بالمحصب ولا يكبران، وإذا ثبت هذا في أهل منى ثبت في أهل الآفاق؛ لأنهم تبع لهم في التكبير؛ لأنه فضيلة الوقت؛ لكونه وقتًا للنسك، ولهذا سمي يوم عرفة ويوم النحر، وأمر فيه الناس بالنحر تبعًا لأهل منى، فيجب أن يكون تبعًا لهم في التكبير.
والجواب: أن هذا في أهل منى لمعنى ينفردون به، وهو أن التلبية مسنونة في حقهم يوم عرفة، وقبل الفجر من يوم النحر، فلم يكن في حقهم تكبير مسنون؛ لئلا يجتمع تكبير وتلبية، فقدمت التلبية؛ لأنها من شعار الحج ومناسكه، وهذا المعنى معدوم في غير أهل منى؛ لأنه ليس عليهم تلبية، فلهذا من في حقهم التكبير، ولهذا المعنى سوينا بينهم في الانتهاء إلى آخر أيام التشريق؛ لأنهم يتساوون في إسقاط التلبية فتساووا